الأحد، 23 ديسمبر 2012

الأمن والسلامة البحرية لسواحل قطر

مداد القلم، تقرير وتصوير: الكاتبة
نشر بتاريخ 24 ديسمبر 2012 ، الشرق

....في أكتوبر 2011
            فجعت قطر بمصرع رجل قطري من رجال البحر بعد أن أنقذ عائلة مقيمة  فردا فردا ولكن شاءت الأقدار بعد حفظ ارواحهم  أن يقضى غرقا أثناء محاولة انقاذه آخر فرد فيها وهو رب الأسرة الذي غرق به ومعه، ربما لم تمهل الحادثة وقتها على الساحل الحيوي في فرضة الوكرة من يقوم بالمراقبة بالقيام باللازم احيانا لعدم او لتأخر صدور بلاغات لحوادث تعد آنية ولحظية يجتهد فيها من يلحظها مباشرة  بصفة انسانية ترتجي منا عليه "الرحمة" رحمه الله .
...ويوم  9 يونيو 2012
           أصيب اهل الوكرة  وقطر مرة أخرى بالحزن لمصرع ثلاثة ابناء لأسرة واحدة غرقا ذوي - 11-13-15 ربيعا ، جراء تيارات مائية قوية سحبتهم من جهة ساحل غرب منتزه الوكرة الى شاطئ أبو فنطاس.
 ليست هذه هي الحوادث الوحيدة ولا الأخيرة في مجال السباحة في بل هناك الكثير في الشمال والخور وسيلين ولعل هذه تحضرني وأذكرها كأمثلة حية لأنني عايشت سماع سيارات الأمن والاسعاف وصوت ومنظر هليكوبرتات البحث الى المنطقتين لقربي من هذا الساحل.  أما في مجال أمن "السكوترات" وشروط استخدامها ورخصها فحدث عن هذه الحوادث ولا حرج وكم من ام ثلكت ابناءها في مصاب كبير جزعت كل قطر له.
 ضج الإعلام وقتها وضجت كل منتديات قطر الإلكترونية لعدم وجود تحذيرات في تلك المنطقة الخطرة ، ولا أظن أن هذه الحرفية تغيب عن مؤسسية أمنية مهنية واحترازية قبل كل شيء في دولة عريقة ومتقدمة في نظم الأمن والسلامة خصوصا وان خفر السواحل يتبع جهاز يعد في قطر من اقوى اجهزة الدولة فضلا عن مهنيته المعهودة.
ولكنني أخذت جولة في الشاطئ منذ أيام فوجدت اجتهاد الجهة المعنية في الداخلية "أمن السواحل والحدود" التي قامت بوضع تلك التحذيرات على لائحة تحذيرية لذلك وجب الإشارة اليها مصورة هنا من باب الأمانة في التقرير، ولأنني كنت خارج قطرالفترة الماضية  فلا أعلم متى وضعت بالضبط ، فالمهم أنها وضعت ولكنها بمستواها  الحالي والمترجم بالإنجليزية فقط لا اعتقد انها تفي بالغرض منها..
             الارشادات التحذيرية حول التيارات البحرية والصخور على شاطئ الوكرة - قرب ابو فنطاس
ومع ذلك فإننا نرتجي ألا يظل أمن السواحل لدينا مجرد بلاغات آنية لفقد أوغرق، وإدارة لطوارئ وغرف عمليات أمن المناطق فحسب، أو مجرد تنصيب لائحة عامة لا تنتمي الى فن الارشادات الرمزية الملفتة والمصورة في عصر الثورة الرقمية والتي تغني عن الترجمة بأي لغة كما تعلمون وتخاطب الصورة فيها والرمز كل الجنسيات.  كما إننا نتمنى ان تتم تهيئة السواحل  سياحيا امنيا ووقائيا  بشكل يوفر الأمان لمرتادي البحر فيها خصوصا وان السواحل  العامة للسباحة او النزهات العائلية باتت محدودة  ومعدودة بعد التطور العمراني لقطر وتحويل عدد من المدن الشاطئية الى مراكز تراثية.
خبرة خفر السواحل!!!
مع ايماننا سلفا بالقضاء والقدر ، إلا إننا نجزم  بخطورة السباحة في بعض المواقع  نظرا لوجود "الدحول" أي هبوط قيعان البحر،أو المناطق الصخرية الحادة ، أوالظواهر المائية المعروفة مثل التيارات البحرية الشديدة والتي يعلمها اهل الحل والعقد فيها من خبرتهم العريقة وتخصصهم في مجالها ، مع ذلك نفتقر الى وجود خطة عامة عملية تطبيقية للسلامة البحرية وللتثقيف وللتوعية الاحترازية العامة بالأمن البحري والمتعددة والمتطورة الوسائل على مستوى الدولة رغم صغر مساحة قطر - وفي مفارقة - رغم إحاطة البحر بها من ثلاث جهات .
هذا وقليلا ما نجد تكليفا لفرق الانقاذ المكتملة العدد على الشاطئ بمهمة وساعات محددةخصوصا في فترة إجازة نهاية الأسبوع "وهي الذروة"،  وقلما نجد أيضا تركيب للوحات إرشادية نوعية تدون المتغيرات اليومية كالمدّ والجزر والتيارات قوة الريح والعمق والضحالة ... الخ  فضلا عن افتقار السواحل المهمة  لوجود الخدمات والمراففق الحيوية العامة في تلك المناطق.

البحر في قطر ...

عندما تصفحت بحر وطني عمليا وواقعيا وتصفحت غوغل عن قطر والبحر وجدت له مهرجانا احتفاليا لنشر الوعي والتعريف بتراث قطر البحري الغني، واحتفاء مهما ايضا بتراث البحر وسفن الصيد وتطوير صناعتها، واهتماما بالغا  بسواحل قطرالسياحية المنظر والاستثمارية المستقبل، وكل ذلك مهم في عمر تطور قطر وصون هويتها إلا ان البحر واقع واسلوب حياة ينتظر من الجهات الأخرى الميدانية المؤسسية المسؤولة التوعية به ببرامج اخرى عملية فضلا عن الاجراءات الأمنية المتعددة لجاهزيته للارتياد.

وفي الوقت ذاته وجدت ايضا ما يبشر بالخير من قبل مجموعة من الشباب القطري المتطوعين الذين قاموا باجتهادات شخصية بإنشاء منتدى خاص لأهل البحر تحت مسمى http://www.dohasea.com/

"منتديات بحر الدوحة"  وقد قرأت ما أفادوني فيه - ولأول مره أعلمه - والتي يعلمها بالتاكيد رجال البحر وخبرائه وهي اجراءات السلامة عند جرف التيارات البحرية الخطرة، وأسجل هنا فخرنا بهم.
نموذج دولي متميز لأمن السواحل
بداية أعلم أن ساحل دولة قطر كخليج هادئ ليس في مدى عمق وقوة وخطورة المحيطات أو امواجها وليس بحجم دولة قارة هي  جزيرة بل تتبعها جزر أخرى ولكن لا يمنع ذلك ان نطبق عددا من الاجراءات الأمنية العامة الأمن السواحل ومرتادي البحر.
اطلعت على نماذج منها في استراليا في جولة من "بيرث عاصمة ولاية غرب استراليا" على  المحيط الهندي،الى شاطئ مدينة "بونداي في سدني" ولاية نيو ساوث ويلز على المحيط الهادي ، الى الشاطئ المعروف ب"جولد كوست" في ولاية كوينزلاند، حيث يضم كل ساحل ناديا أو مقرا لأمن السواحل مسؤولا عن وضع دوريات سلامة وفرق انقاذ بمهام وساعات يومية ، وهذا ما يطبق في كل الولايات والمقاطعات الأخرى من فيكتوريا، جنوب استراليا، شمال استراليا وشواطئ ولاية جزيرة تازمينيا. 
أعتقد اننا في قطر نستطيع توفير الخدمات الأساسية وتطبيق ادني درجات الأمن والسلامة على السواحل البحرية لصغر شبه جزيرتنا وقلة سواحل السباحة والصيد ولسهولتها واحتراف جهاز الأمن لدينا واضطلاع ضفادعه بدورات تدريبة كثيرة على مستوى دولي تهيئ له نقل هذه التجارب وتطبيقها على شواطئ السياحة والرياضات المتعلقة بها في قطر دون أن تكون كما يقال "حبرعلى ورق".
                          مقر أمن السواحل على ساحل بونداي، سدني - استراليا
اللوحات الإرشادية العامة لأحوال البحر 
يقع مقر كل ناد لخفر السواحل على كل شاطئ استرالي وتشمل مهامه تركيب اللوحات الارشادية العامة على السواحل والمتضمنة كافة التعليمات المعززة بالصور من الممنوع والمسموح والتي تقيد السباحة في المواقع المحددة  بين "العلمين باللونين الأحمر والأصفر"،ويتم تحديدها يوميا بناء على مسح يقوم به الفريق البحري فجرا قبل بدء وقت العمل الرقابي وبناء على الاسترشاد بالتعليمات اليومية من قبل إدارة الأرصاد.

                         موقع السباحة الآمنة بين الإعلام باللونين في ساحل بونداي- سدني- استراليا
 
 ومن ثم يتم وضع الأعلام في المواقع الآمنة للسباحة يوميا بارشادات اخرى متغيرة يتم غرسها في المنطقة الرملية أمام منطقة الأعلام زيادة على الارشادات العامة الدائمة متضمنة  معلومات مهمة عن عمق البحر، المد والجزر، التيارات ، الحرارة وسائر ما يهم المرتادين.
وفي الصور تتضح الارشادات الدائمة واليومية .

                                                               اللوحات بالاشادات الدائمة

                              الإرشادات المتغيرة يوميا وفقا لمستجدات المسح وإدارة الأرصاد
 الدوريات الملكلفة وفرق الإنقاذ
يطبق كل ما سبق في ظل وجود دورية محددة المهام من  8 صباحا - 5 مساء يوميا بحيث تحدد مسارات مخصصة لها على الشواطئ باللون الأحمر وعلامتها معنونة بالأصفر لضمان عدم اعاقة مساراتها من قبل المرتادين وضمان انسيابية عملها بسهولة وقت الطوارئ. هذا وتضم سيارات امن السواحل كافة التجهيزات الخاصة بالاسعافات الأولية والتنفس الصناعي وجهاز انعاش القلب وسائر الأجهزة والمعدات والسيارات والسكوترات الخاصة بالإنقاذ فضلا عن الاعدادات الأخرى للهليكوبرتات وما سواها.
أما عن مواقع  ركوب الموج "الركمجة " او "السيرفنغ" فلها مواقع مخصصة، وكذلك رخص خاصة بارتياد السكوترات وما اليها في ظل ارشادات توضح قائمة المسموح والممنوع وما يتطلب المنع أو السماح أيضا بمرافقة أوحراسة الأمن منها.


تمويل أمن السواحل
ولاختلاف انظمة الدول في مصادر تمويل او ما يسمونها أندية وتسمى لدينا مراكز خفر السواحل خصوصا وان الدول المتقدمة تعتمد على المنظمات الأهلية فضلا عن الاعتماد على الضرائب في الخدمات الحكومية العامة، قابلت المشرف العام على الأمن في ساحل الجولد كوست واستوضحت ان هذه الخدمات الأمنية  تقدمها الحكومة الاسترالية أيضا فهم موظفون للحكومة ، وفيما عدا خدماتهم والى جانبها توجد ايضا مراكز أخرى تابعة للمنظمات الأهلية او الجهود التطوعية.
التوعية في استراليا تشمل 34 لغة منها العربية
بعد جولتي بعدستي في عدد من السواحل التي وضعتها لكم هنا معززة بالإشارة الى مواقع محددة فيها ، اثرت الدخول أيضا على الموقع الالكتروني للحماية والسلامة البحرية على الشواطئ الأسترالية لإشباع فضول المعرفة وأخذ االتجربة، فوجدت زيادة على ما رأيت وما سمعته من المقابلة مما أثار اعجابي حقا يتوجه توفر كافة معلومات الأمن والسلامة بعدد كبير من اللغات (34) لغة تقع من ضمنها اللغة العربية والتي يسهل تحميلها من الانترنت مباشرة . فضل عن وجود فيديو خاص بالتعلميات على الموقع الإلكتروني.
التمويل يشمل برامج الأمن الساحلي  والتعليم والتثقيف
تقدم هذه الخدمات بتمويل كمنحة من الحكومة الاسترالية لبرنامج أمن المياه الإقليمية الاسترالية وتتضمن أمنها وبرامج التعليم والثقيف التابعة لها فضلا عن إدارة ومتابعة جهاز أمن السواحل SLSA Surf Life Saving Australia وتمويلا  أخر من وزراة الصحة الاسترالية  Department of Health and Ageing
ويدعمه مهنيا نظم الأمن والمعلومات التي يوفرها أولا بأول مكتب الارصاد  Bureau of Meteorology
ويتم البرنامج بالتعاون مع وزارةالسياحة أيضا .
                                  أنشطة سياحية مسائية وبازار مصاحب

                                             ممارسة كرة الطائرة ليلا بتصريح ومتابعة امنية

                       الدوريات في مهمة مسائية على شاطئ الجولدكوست-كوينزلاند-استراليا
الموقع الألكتروني نظام متكامل
يتضمن الموقع الالكتروني
http://www.lifeguards.com.au
كافة الخدمات المتعلقة بزيارة البحر او ارتياده او الصيد او حتى السياحة وذلك على امتداد القارة ل ست ولايات او مقاطعات  بحرفية ومهنية و التي تشمل مواقعها ل11915 ساحل ، وخدمات التنبؤ واللاصاد ل 12000 شاطئ فضلا عن توفر معلومات دائمة مثل
Fact Sheet and Tool Tips  و FAQ

تطبيق مجاني خاص بالأمن الساحلي  Apps
تم إصدار النسخة الأولى من برنامج أمن السواحل مجانيا مما يعد اضافة مهنية نوعية لمعلومات آنية مهمة لمرتادي البحر على مختلف الشواطئ..




التوعية بالتيارات الحرية :rip currents
آثرت أن اضع لها عنوانا خاصا لأنها السبب في جرف كثير من الأفراد في بحارنا كالحادثة التي ذكرت حتى لو لم تكن دولنا قارات أو جزرا أو بلدانا مطلة على محيطات.
إن الأمن الاحترازي من مختلف حوادث البحار مهمة وعلى رأسها تفادي التيارات البحرية بمعرفة مواقعها سلفا ومحاولة تفاديها وهذا دور أجهزة المسح البحري ، فضل عن التوعية الشاملة.
ويوضح الموقع الإلكتروني في الأمن الساحلي الاسترالي نافذة خاصة بها موضحا نوعها ومواقعها وعلاماتها الدالة عليها. والتي قصدت وضعها بالصورالتثقيفية هنا لأنها أكبر عامل متسبب في وفيات المرتادين في البلاغات البحرية هناك (40%) حتى رغم الحراسة اليومية.


                                           صورة تطبيقية لطرق تفادي التيار الجارف يمينا او يسارا
                                 نموذج للتيارات البحرية وتبدو على غير حقيقتها زرقاء هادية في الوسط 
وأخيرا .....
إن الاهتمام بالشواطئ وتعزيز أمنها وسلامتها قضية مهمة نتمنى ان تضاعف اولويتها لدينا حتى لو سلمنا باقبال دولة قطر الساحلية الصغيرة على عهد تطويري ضخم لسواحل جديدة ترفيهية، إلا إن هذا لا يمنع اننا في الوقت ذاته ننتظر حلولا تزامنية للشواطئ والسواحل الحالية القليلة العدد بحيث تقوم على اسس مؤسسية وهذه تحتاج بدون شك إلى جهود تكاملية متكاتفة من كل من هيئة الأشغال العامة ووزارة البلدية والتخطيط العمراني والمجلس الأعلى للبيئة ومجلس الصحة ووزارة الداخلية خصوصا واننا نؤمن ان البيئة لدينا هي "البحرية قبل البرية" في اولويات إدارة المخاطر الناجمة عن جهل الاستخدام، وتقليل الحوادث الناجمة عنها .
هذا وإذا كان مصطلح حرس أو (خفر) السواحل كما تعرفها المراجع هي :
"مصلحة وطنية مسؤولة على مهام مختلفة فى البحر ، وتختلف باختلاف البلدان"
 ومع ايماننا بمهام خفر السواحل الجمة والكبيرة واحتراف اجهزة الأمن البحري لدينا في حماية أمن الدولة وحدودها سلامتها البحرية ، لازلنا نذكر بأن جزء من هذه المسؤولية هو امن مرتادي البحر والسكان والزوار على الضفة الأخرى وأمن الشواطئ وجاهزيتها وأمن مستخدميها في بيئة "هي البحر".
ولأننا نؤمن بالقضاء والقدر ونؤمن بأن تطبيق كل ذلك لا يمنع وقوع الحوادث ايضا ولكن يجب ألا نترك انفسنا لحوادث الدهر دون سبل احترازية متطورة، بل نجتهد اولا في تجويد تحقيق أعلى وأفضل وأشمل معايير للأمن والسلامة البحرية العامة،  ومن ثم تقوم مسؤولية كل فرد عن نفسه وكل أسرة عن أسرتها فهي مسؤولية تكاملية مشتركة بيننا وبين أجهزة الدولة لأن التنمية هدفها "الإنسان" أولا واخيرا، وحجم قطر الصغير وجودة مستوى وحسن اهتمام الحكومة بالسكان والأمن وبالبنى التحتية يعد لنا في تطبيق ذلك عاملا مشجعا، مساعدا ومكسبا كبيرا.

الخميس، 15 نوفمبر 2012

لا «سوبرمان» كبير على القانون

 مداد القلم/ الشرق
26 ديسمبر 2010

سعادة نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة السيد عبدالله بن حمد العطية عطفا على حواركم الجريء مع الشرق القطرية عشية الاحتفال بتحقيق قطر لحلمها الكبير بإنتاج 77 مليون طن من الغاز المسال والمنشور بتاريخ 13 ديسمبر 2010 تحت عنوان: " أنا لا أؤمن بالموظف "السوبرمان".، نبارك لقطر ولحكومتها ولكم ولفريق العمل الجماعي هذا الإنجاز الكبير.
ولعلنا ننتهز هذه المناسبة وبصفتكم الأولى عموما يخاطبكم هذا المقال خصوصا وإننا نعلم أن مجلس الوزراء الموقر في عمله السامي ورسالته الوطنية يحرص أشد الحرص على الدعوة التي صدحتم بها إعلاميا بقولكم:
( هناك أنظمة للعمل يجب أن نحافظ عليها.... نعاقب الصغير ونترك الكبير... هذا لا يجوز، يجب أن يكون الجميع سواسية أمام القانون والأنظمة وليس هناك كبير على القانون، ووجود الرقابة الداخلية في كافة المؤسسات والهيئات ستكون بمثابة " العين المفتوحة " )
في إجابتكم على سؤال الزميل جابر الحرمي رئيس التحرير والزميل حسن أبو عرفات حيث كان:
* كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن التعدي على المال العام وهناك نحو 13 قضية يبحثها ديوان المحاسبة، والادعاء العام هل المشكلة في عدم وجود قوانين رادعة تحاسب المتورطين أم خراب الذمم؟
تحدثتم بصراحة كيف ان قطر اليوم قد أصبحت الأولى عالميا في الشفافية الدولية وهي تساعد على تعزيز الشفافية.
نتفق معكم أن دولة قطر تحرص أشد الحرص على النزاهة ومحاربة الفساد، بل وتعزز قيمة الشفافية.
سؤال الزميلين في الشرق عكس رسالة الإعلام السامية في البحث عن الحقيقة، عن السبب فهل هو عدم وجود قوانين أم خراب الذمم؟ ولأن السائل والمسؤول يعلمان سلفا ان القوانين موجودة حتما؟ ونعلم أن الذمم الفاسدة أو "الخَرِبَة" موجودة في كل زمان ومكان، ولأن الإجابة تكمن في الحد الفاصل بينهما جاءت كذلك وأظهرت ما يريده "الرأي العام" ما بين القوانين وخراب الذمم، فمن يكمن بينهما. هذا هو السؤال! فمن عطل من أو ماذا؟ ولماذا؟
الإجابة وقفت على بيت القصيد أن "لا أحد َ " فوق طائلة القانون لا كبير ولا صغير.
و "لا" في اللغة العربية في هذا الموضع "لا نافية للجنس"، تعني أنه لا جنس لا لمخلوق ولا جنسية أيضا فوق القانون إن صح تحليلنا لرد سعادة النائب موضوعيا ولغويا أيضا.
القانون موجود والذمم التي تنعت بالفاسدة قد تكون صغيرة وكبيرة، ولا كبير عليها. وقطر اكبر شفافة عالميا،
ومع ذلك اعتقد أنكم وقفتم على جرح تعاني منه عدد من المؤسسات والهيئات وهو تيسير وتخصيب بيئة الفساد بل وتطبيع عملها بدلا من تجريمه بوعي أو دونما وعي، خصوصا وان دور الرقابة اليوم لم يعد منظورا أو ربما لم يعد فاعلا، فلم نعد نرى صدى لتلك التقارير الرقابية على المستوى الذي تطمح له الشفافية وقطر أولا، وإن وافقت حجم وعدد مؤسسات الدولة التي تكاثرت وربما فرط عقد متابعاتها أو ربما ظلت مرجعية تبعية بعضها الذممية هذا ثانيا، أما ثالثا، فعدم معاقبة بعض من يسيء الذمة المالية مؤسسيا أدى إلى جعل المال العام لدى البعض "بقرة حلوب" يريدها " على قاعدة "من أمن العقوبة أساء الأدب"،
رغم حرص الدولة وسياستها النزيهة وإرادتها الفاعلة وسنها القوانين الصارمة، هناك مؤسسات في الدولة تفتقر حتى إلى أدنى درجات وأولويات تطبيق النزاهة والشفافية، نعني أنها تفتقر إلى أساس ألف باء الإدارة بالنظم الإدارية العامة فما بالكم باللوائح المالية والإدارية التي تعد خريطة طريق قد تُغيّبْ عمدا، هناك مؤسسات تفتقد وجود لوائح ويصل بعضها إلى درجة مسؤولية "السوبرمان" ليس في العمل الإداري فحسب بل وحتى في الإجراءات المالية وطرق التعاملات البنكية في مخالفة لأدنى أعراف النزاهة والشفافية المحلية والدولية.
أما في بعض المؤسسات فالمشروعات والمناقصات الكبيرة قد تتجاوز العروض والرأيين المالي والفني وهما اللذان — مجتمعان — يحسمان شفافية ونزاهة الاختيار، بل اسمحوا لنا ان نقول قد يكون هناك "باتمان" متخفٍ بما يُمْلى "بضم الميم" سواء رست المناقصة على زيد أو عبيد المقرر سلفا، وما يجرى من إجراءات شكلية تعد مجرد ذر رماد في العيون.
كما أن هناك مؤسسات ترزح تحت صورية اللوائح والتعطيل القسري لها، وبين هذه وتلك كيف تُراقب؟ ولمن تخضع؟ فأين القانون أيضا من سن النظم التي تقي وقوع الفساد في المؤسسات داخليا من أصله سلفا..؟
ومن ثم يجدر السؤال: هل هناك أجهزة مُستثناة من الرقابة المالية والإدارية؟ أم أن الجميع كما تفضلتم سواسية لأنهم أمام قانون؟ كل القطاعات، الحكومي وشبه الحكومي والمجتمع المدني... الصغير مقابل الكبير... المواطن مقابل غير المواطن؟
ومن يراقب أو يتابع التقارير؟ واين تذهب؟ هل يصبها النهر لتجري في مجراه الى البحر ويضيع الماء العذب مع المالح رغم ان بينهما برزخاً لا يبغيان؟ ومن سيقف عن حائط البرزخ المالي ليكشف الغث من السمين؟
تحت أيدي كل شعارات "المان" في اللغة الإنجليزية وشخصياته الرمزية سواء كان "سوبر" مان أو متخفٍ — "بات" مان، أو "عنكبوتي — "سبايدر" مان.،
"المان" هنا الإنسان بصفة عامة،... نريدها كما يراد لها في الإنسانية الصرفة وفي الاستخدام المجازي الرمزي التي جعل منها الكارتون رموزا للخير حتى لو كانت خيالية، المهم أن يكون القفز أو التخفي أو المركزية في الخير ولصالح الشأن العام.. وان تكون الأنظمة سلفا...والرقابة تبعا — كما تريدها الدولة ويحرص عليها المجلس — هي العين المفتوحة لأسمى غايات المصلحة الوطنية لا ضير إن كان من تعدى أو تجاوز خالد بن الوليد المخزوميّ القُرَشيّ أم صهيبٌ الرومــيّ، بــلالٌ الحبشيّ أو فاطمةُ بنت محمدْ.
" تنزهوا جميعا.... وصلوات الله وسلامه على النبيّ الأمي"


أين البحوث الطبية الاستقصائية للسرطان المتزايد في الخليج وقطر؟

مداد القلم/الشرق
12 ديسمبر 2010

لعل ما يؤرق هو ان نسبة السرطان في دول الخليج العربي والشرق الأوسط، بل والعالم بأسره، في تزايد مطرد، ناهيك عن شح وندرة البحوث الصحية والطبية على مستوى الشرق الأوسط، لتحديد أسباب تزايد مرض السرطان في دول الوطن العربي والعراق والخليج على وجه الخصوص، وليس إحصائية النسب السائدة فقط.
يلاحظ أنه دائما ما تقدم التقارير بيانات ناصعة عن العدد والنسب ولكنها تفتقر إلى تقدير الأسباب الكامنة، فوفق تقرير أصدره المركز الخليجي لتسجيل السرطان نشر في يناير 2010 فإن "عدد حالات الإصابة بالسرطان في دول الخليج بلغ 71 ألفا و882 حالة، وفقاً للتقرير التجميعي لمعدلات الإصابة بمرض السرطان في دول مجلس التعاون الخليجي.


حيث جاءت السعودية في المرتبة الأولى في نسبة الإصابة، حيث بلغ عدد الإصابات فيها 51 ألفاً و587 حالة، ثم سلطنة عمان بـ7 آلاف و938 حالة، ثم الكويت بـ5 آلاف و125 إصابة، ثم البحرين بـ3 آلاف و338 إصابة، ثم دولة الإمارات العربية بألفين و518 إصابة. في حين حلّت "دولة قطر" في المرتبة الأخيرة بألف و346 إصابة بالسرطان.. هذا والأرقام في اطراد وتزايد وفقا لما بعد وقت هذا التقرير.
ورغم تقدم الخدمات الطبية في الدول الخليجية البترولية، وإنفاق كل دول الخليج وعلى وجه الخصوص "دولة قطر" الإنفاق الأمثل على الصحة والخدمات الصحية، فضلا عما تشكر عليه الدولة من توفير خدمة العلاج بالخارج للمصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية ومنها السرطان، حتى مع الجهود المبذولة في مستشفى الدم والأورام "الأمل" الذي لم يعد يغطي الزيادة المطردة في حالات السرطان. وكما تعاني مستشفيات قطر للدم والأورام العجز فمثلها تعاني المملكة العربية السعودية — وهي سابقة في توفير مراكز علاج الأورام — حيث تعاني أيضا نقصا في عدد الأسرّة والبنية التحتية الطبية التي تتعامل مع هذا المرض.
ومع كل ذلك فإن البحوث الطبية والخدمات الوقائية والعلاجية في مجالها وخصوصا السرطان تظل قاصرة عن تلبية الحاجة الضرورية لمجابهة هذا المرض.
بل وما يؤسف له أن تظل نتائج البحوث المحدودة المطروقة  تابو" غير قابل للنشر أو التداول أو الإفصاح، وكأن البحوث المعنية بهذا الشأن جريمة أو شأن خاص خارج مساحة الشأن العام، وإن سلمنا سلفا بأن هناك بعض النتائج التي قد يؤخر نشرها أو تحجب تقديرا لأسباب أخرى طبية ومجتمعية ووقائية.
وإذا كان معظم الأطباء يرجعون تزايد نسبة الإصابة بالسرطان إضافة إلى التلوث البيئي، إلى زيادة معدل "العمر الطبيعي" لدى الإنسان نظرا للتقدم الطبي، إلا ان الجدلية تفترض ان السرطان وخصوصا في دول الخليج ومنها قطر، لا يصيب كبار السن فحسب بل بدا واضحا أنه يهاجم الشباب والأطفال، وخصوصا اللوكيميا الذي يعد عامل التلوث البيئي واضحا جدا فيه.
هذا في الوقت الذي تحذر فيه منظمة الصحة العالمية من تزايد حالات السرطان في البلدان النامية، حيث يتوقع أن يشهد العالم خلال العشر سنوات القادمة زيادة بمقدار ثلثي الحالات الحالية من مرضى السرطان، كما اكد رئيس الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان الدكتور جون سيفر ان اعداد مرضى السرطان في دول العالم العربي تتزايد بشكل مخيف في السنوات الاخيرة. مشيرا إلى ان اعداد المصابين في المنطقة العربية تترواح بين 100 الى 150 حالة جديدة لكل 100 الف مواطن سنويا.
عندما أصبح الحديث عن السرطان حديثا مرعبا في الخليج وقطر، فإن ذلك يستدعي تحركا ليس محليا فحسب بل عالميا، يبحث المسببات وطرق الوقاية بموضوعية وشفافية تبتعد عن حسابات السياسة والتنمية الصناعية والمصالح الدولية. إذ لا يكفي أن نضع التلوث البيئي عامة شماعة نعلق عليها الأسباب دون تحليل عميق أو تحرك يذكر ونحن نستنشق البيئة ونشرب ماءها.
بل ينبغي أن تقف البحوث وقفة صارمة أمام الظلم والتعدي في استخدام بعض الدول بعض مسببات هذه الأمراض المستعصية والمزمنة القاتلة تحت أي ذريعة.
بعض العلماء يصفون السرطان بأنه "حرب خفية"، لكن يجب ألا ينسحب مفهوم هذه الحرب الداخلية للمرض على البحوث الاستقصائية الفاعلة ويجعلها "محرمة".
وفي حين أن التابو في التصريح أو التلميح أو النشر بات يشكل ضغطا سياسيا على صحة البشرية وحق الإنسان في العيش الكريم، وحقه في المعرفة والتوعية والوقاية، نتمنى ألا يحتاج هذا الحق البشري إلى "جوليان أسانج" آخر والى "ويكيليكس" أخرى لتنشر أسباب مرض عضال منتشر أو حرب غير عادلة مع حق من حقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي يخشى فيه السياسيون دمغهم بالضلوع في نشر الأوبئة المزمنة، جاءت الوقفة السياسية والإنسانية الجريئة في الحق والنادرة في مجالها، ليس على صعيد قطر والخليج بل على الصعيد العالمي، في نداء عالمي سابق من نوعه، ركز لأول مرة على البعد البيئي والاستخدام غير العادل للأسلحة المدمرة وأثرها على صحة الإنسان، وزيادة الأمراض المستعصية بعد حربي الخليج، حيث جاء في كلمة جرئية لسمو الشيخة موزا بنت ناصر في افتتاحية المؤتمر الثالث لتحالف الحضارات في ريو دي جانيرو في البرازيل مايو 2010 المنعقد تحت مظلة الأمم المتحدة،
"انه أمام البشرية ملفات كبرى عليها أن تتصدى لها، منها الاستفادة المتكافئة من الطفرة التكنولوجية والبحث العلمي إلى جانب مكافحة الأمراض وتطويق آفات البيئة المهددة للأمن الغذائي والأمن البيئي".
واستشهدت سموها في ذلك "باستعمال الفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية واليورانيوم المنضب الذي تسبب في دمار لا يمكن التعافي منه في المنطقة العربية بوجه خاص، مشيرة إلى أنه منذ حربي الخليج الأخيرتين والعلماء يدرسون الآثار بعيدة المدى لليورانيوم المنضب على البيئة والتجمعات البشرية، إذ أن المنطقة شهدت ارتفاعا في الأمراض المزمنة والمستعصية منذ حرب الخليج الأولى، كما ارتفعت نسبة التشوهات الخلقية وترتبت العديد من الآثار السلبية على البيئة."
أعتقد أنه مع بوادر الأمل في قطر ومنها بزوغ فجر مركز السدرة الدولي للبحوث الطبية والصحة والذي تعاون مع خبراء عالميين ومراكز متعددة، ومنها في مجال طب الدم والأورام السرطانية في أميركا والعالم، نستبشر أن يكون نداء سموها السابق للعالم مدخلا موضوعيا، بل ونطالب به أن يكون وثيقة من وثائق المركز التأسيسية لنهج منظم لبحوث تخدم المنطقة، وتسهم حقا ليس فقط في ما يسود اليوم من حملات التوعية بالكشف المبكر عن السرطان، فقبل الكشف عنه في أجساد البشر وتحمل تبعاته المضنية جسديا ونفسيا، الأجدر بنا أن نكشف عن يد البشر فيه في الأرض والسماء حتى يعرف المرء ما يتقيه وكيف يتقيه.
أوليس العالم يجمع على أن "درهم وقاية خير من قنطار علاج"؟


الريال القطري يتفوق على الدولار الأمريكي

مداد القلم/ الشرق
05 ديسمبر 2010

سمو أميرنا الغالي حمد صرّح لـلجزيرة الرياضية: «اليوم من أحلى أيام العرب، لقد كانوا يعتبرون أن قطر لا تستطيع فعل أي شيء لأنها دولة صغيرة مساحة وسكاناً، واليوم أثبتنا لهم أن قطر قادرة على أن تفعل أي شيء».
لا فض فوك قائدنا وأبانا سمو الأمير، لقد اجتاز حمام السلام وطيوره الوادعة المرسومة على الريال تلك العملة الصعبة بفارق كبير 14/8، فارق هيج غيرة أهله، الدور الذي حدا برموزه الرسمية وإعلامه وصحافته ان تسخر أبواقها ليلتها في برامج وتقارير صحفية تستهجن قرار الفيفا لتعتبره «غلطة»، وكان قبلها قد أعلن الرئيس الأميركي أوباما عن خيبة أمله لعدم فوز بلاده وانتقد قرار المجلس التنفيذي للفيفا بإعطاء هذا الشرف لدولة قطر واعتباره قراراً خاطئاً.
وحجة الخصيم هي كيف تكتسح دولة لم تصل حجم ولاية أو مدينة أمريكية دولة عظمى؟ بل كيف تنافس قارة عظمى مثل استراليا، ودول أخرى تعد في إطار العمالقة صناعيا كاليابان وكوريا الجنوبية؟

نتفق في أن حجم قطر لا يقارن بحجم الولايات المتحدة الأمريكية لا في المساحة الجغرافية ولا السكانية ولا يقارن بالقارات الدول، ولكن مكانة قطر وحجم إنجازاتها دوليا وعالميا وسياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وإنمائيا وإنسانيا لا يختلف عليه اثنان على وجه هذه الأرض، لأن قطر نقشت وجودها في صدر التاريخ على صفحات من نور ليؤكد ملفها بكل من شرف تقديمه إنهم "حقا يقولون ما يفعلون.. ويفعلون ما يقولون". فقطر كما وعدت أوفت، وستفي المونديال وستحقق مكاسب كبيرة ليست على الصعيد الرياضي فحسب بل وعلى الصعيد الدبلوماسي الدولي والاقتصادي والاستثماري والسياحي والتنموي والإنساني. قطر عملة صعبة نظرا للدعم الإنمائي، والإنساني فقد أعطت ومازالت تقدم مبادرات رائدة ودعما للعالم كله، يكفي ان يحمل الملف قسمات الأمن والسلام والتحالف والتعايش السلمي للشعوب فضلا عن خطط الدعم التنموية لما بعد المونديال الممثلة في خطة الملاعب القابلة للتفكيك التي ستفيض عن حاجة قطر بعد المونديال وتقديمها لبناء ملاعب متعددة في البلدان النامية، وهذا لعمري أمر يغذي التعايش والتلاؤم البشري والتكافل التنموي بين الدول والشعوب. عملة صعبة لأنها قبلت التحدي التقني، الذي بالإفادة من الطاقة الشمسية — التي أرادها البعض خللا وعيبا رئيسا للطعن في قدرات قطر على الاستضافة — جعلها ميزة لها في التقنيات الحديثة للتبريد باستخدام الطاقة الشمسية التي تعد نقلة نوعية ليس على المستوى التقني فحسب بل وحتى على المستوى البيئي ودعم المناخ وقضيته التي تشارك فيها قطر في كنكون — المكسيك هذه الأيام. دعم سياسي وأممي تحالفي حين كان سؤال ملف قطر وعلى وجه الخصوص عرض صاحبة السمو "متى "؟ مستعرضة الأسباب والأهداف والإجابة. لحظة كونية حاسمة أرادتها لإبراز أهمية الإفادة من الجو الرياضي الايجابي للكرة الدولية ومبارياتها وأثره البالغ على وحدة المشاعر والصفوف والبشرية جمعاء والتقليل من ويلات الحروب والصراعات في العالم بأسره وفي هذه البقعة المشتعلة من العالم على وجه الخصوص. عملة صعبة لأن الدول ليست بحجم احتياطياتها الهائلة سواء من النفط أو الغاز لمن أراد أن يسخر بقطر كونها "إمارة نفطية"، وإلا فكان الأجدر بأن تتشرف بالمكتسبات التي حققتها قطر من تنعم إضافة إلى الثروات بكبر مساحتها الدولية الشاسعة. قطر بالمال والإرادة معا صنعت ونقشت مشاريع وإنجازات طموحة هي سر السمعة العالمية رغم صغر حجمها، وهذا هو الفرق بين التخطيط والارتجالية. فقطر لا ترتجل المواقف بقدر ما تعمل وفق رؤية سديدة سددها الحكيم أميرها حمد وزوجته وأنجاله. إنها رؤية صعبة على الأنداد، ولمن أراد أن يتابع الرؤية فلينظر أبعد من "الخميس الأبيض" ليجد أن الملف لم ينته في زيوريخ من مجرد إعلان بلاتر أو مجرد رفع الكأس ودموع الفرح، بل تابعت قطر ممثلة بسمو الشيخة موزة وسعادة الشيخ محمد يوم الجمعة تسديد رسالة قطر العالمية في الاستقبال الشعبي العالمي من كل جنسية في مطار الدوحة وكورنيشها وتقدم كل من سمو الشيخة وأنجالها وأحفادها في سيارة مفتوحة، وسعادة الشيخ محمد وفريق الملف في باص مفتوح في مسيرة قطر يؤكد علامات فارقة تنتظر أي ملف رياضي ترتجيه الفيفا والمجتمع الدولي: أولها "الشعبية" التي تعشقها كرة القدم والتي ستجد في ارض قطر وأميرها وشعبها المختلط الأجناس ترابها، ومن ثم فإن قطر لمن لا يعلمها "واحة أمن وأمان" يسير فيها القائد مع الشعب دون حواجز أو جدران أو أسقف تلك هي ثمرات سمو الأمير في قطر والتي تعد أهم اشتراطات اللجان لاحتضان مثل هذا المونديال العالمي. أما عن حب قطر لأبنائها ومن يقطنها وحب الأبناء لها ولأميرها وحكومتها فإنها ظاهرة قطرية محلها الفؤاد لا المساحات مما قد تفتقدها القوى العظمى في مساحاتها الكبرى، ليست هي تلك التي ترتبط بالعملة، والعمل، أو المنصب، أو الاقتصاد أو الذات، إنها محبة لا تقاس لا بدرهم ولا دينار، إنها قلب والقلب لا يباع ويشترى. انه الإعجاز الذي جعل أسرة قطر ماثلة من الأمير إلى أصغر حفيد، وسينجح الملف كما وعد قائد الشباب، إذ "ما أشبه الليلة بالبارحة"، فمازلنا نذكر الذكرى التاريخية عند افتتاح المدينة التعليمية فقد قاد الأمير سيارته وعلى يمينه سمو الشيخة موزة أمام العالم كله لأول مرة رمزا للقيادة التي تقود الحكمة وتشاركه المرأة فيها، وتحقق الوعد وعمرت المدينة بإنجازات عالمية في غضون سنوات قليلة وهي اليوم عاصمة تعليمية وبحثية عالمية، "والخميس الأبيض" صعد الأمير المنصة وسموها بجانبه يدا بيد.. والجمعة قاد الشيخ جوعان السيارة وهند على يمينه ويقل الأم بل والأحفاد "بنينا وبنات" الذين سيكونون عن قريب شباب المونديال، ويا لها من رسالة للعالم.
ملف قطر ختم في الدوحة بتقديم المثل الأعلى للأسرة القطرية المثالية من أعلى الهرم ولكن في موقف غير برجوازي أو ارستقراطي أو برستيجي أو بروتوكولي أو عاجي أو منحاز لفئة أو جنسية أو جنس، ملف صنعته أسرة قطر الحاكمة والمحكومة وشعب قطر ومن يقطنها في أخوة فريدة تعلم فنون الريادة والقيادة وحب الحاكم والمحكوم وولاء الشعب.
إنها العملة الصعبة .............
فهنيئا لقطر أميرا وحكومة وشعبا...فور إعلان جوزيف بلاتر فوز قطر باستضافة مونديال 2022 أثبتت قطر للعالم بأسره أنها عملة صعبة لا تهزم بل تقبل التحدي، فبعد صمودها العالمي النادر أمام الأزمة الاقتصادية العالمية والدور الدبلوماسي البارز عالميا، أثبتت قطر أنها جديرة بالانتصارات الخلاقة، حتى لو كان أمام أعظم امبراطورية وذات أصعب عملة ألا وهي الدولار

في عالم الإنترنت.. «خصوصيتك مسؤوليتك»

مداد القلم/ الشرق
28 نوفمبر 2010

مباركة هي تلك الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في سبيل التوعية بالأمن السيبرنتي ومحو الأمية الرقمية التي تعد من أهم أنواع الأمية التي يجب أن تتكاتف الجهود لمواجهتها ومحوها في العالم اليوم خصوصا في وطننا العربي الذي يفتقر إلى التطبيق الأمثل لمثل هذه البرامج التوعوية على النطاق التربوي والتعليمي.
كان مجلس الاتصالات قد أطلق حدائق الانترنت منذ فترة طويلة دعما لنشر العلم والمعرفة التي تجري مع الإنسان اليوم في كل مكان، كان ذلك قبل انطلاق الجيل الجديد من أدوات عصر السرعة الرقمية التي حملت مختلف الأجهزة مختلف وسائل التواصل المهني والاجتماعي في ضغطة زر واحدة على أجهزة الآي باد أو الآي فون أو البلاك بيري.
ويا لها من ضغطة أو كبسولة، ويا له من زر رقمي؟
كما هي المعرفة قد تيسرت، انبثقت معها تحديات أخرى تواجه الأسرة والمدرسة التي تعد كل منهما مؤسسات التربية الأولى، لذلك كانت التفاتة مهمة أن يتوج المجلس جهوده في النشر الالكتروني بتسليح الطفل والشاب بأدوات الحماية تزامنيا مع نشر المعرفة حتى لا يتم استغلالهم بأي شكل من الأشكال.
فعقد المجلس منتدى محو الأمية الرقمية الذي أتاح فيه لنا الفرصة إلى الوقوف على مختلف التحديات التي تواجه هذا المجال.
.. فكر قبل أن ترسل! 
كان هذا شعار اليوم العالمي لإنترنت أكثر أمانا لهذا العام الذي يُعقد بتنظيم من برنامج اليونيسيف — في 9 فبراير من كل عام لتشجيع الاستخدام الآمن والمسؤول لشبكة الإنترنت والهواتف المحمولة وخاصة بين الأطفال والشباب وهم الفئة المستهدفة.
المجلس وجه فيه أيضا رسالة مهمة لأولياء الأمور والأطفال على حد سواء لتذكيرهم بأن المعلومات والبيانات التي تُنشر على شبكة الإنترنت في مختلف المواقع الاتصالية والاجتماعية تصبح في متناول يد الملايين والملايين من المستخدمين في نفس اللحظة التي يقرر فيها الفرد "بزر واحد" أن ينشرها على الملأ مما قد يجعله عرضة للتعدي الإلكتروني.
وكما عودنا المجلس في رسالته التوعوية الهادفة، فقد أثلج صدورنا المتعطشة كأولياء أمور لحماية أطفالهم على الانترنت بحملة إعلامية حملت إعلانا واعيا مفاد شعاره
" في عالم الانترنت.. خصوصيتك مسؤوليتك" ليذكر إن كان لا باس من الملاذ المعلوماتي والترفيهي، فإن عالم الإنترنت ينطوي على نفس مخاطر العالم الحقيقي. خصوصا مواقع التعارف الاجتماعي على شبكة الإنترنت، محذرا من مغبة مشاركة الصور الشخصية مع الغرباء فضلا عن البيانات الشخصية وتفاصيل الحياة الخاصة والأسرية وأماكن وجود الفرد في العالم الحقيقي.
لم ينتهز المجلس فقط المناسبات الدولية للتركيز على أهمية ضمان سلامة الأطفال على شبكة الإنترنت، مع تشجيعهم على الفضول وحب المعرفة والإفادة من مزايا الرقمية وآفاقها الواسعة. كان قبل ذلك ايضا قد واجه تحديات عالم القرية الكونية وذريتها الالكترونية، فأطلق إعلانا في حملة سابقة وضع شعاره:
"امنوا سلامتهم ولا تغفلوا فضولهم."
كما وضع حماية الأطفال على شبكة الإنترنت على قائمة أولوياته، فأطلق "سيف سبيس — الفضاء الآمن" _ "SafeSpace.qa" على موقعه الإلكتروني، وهو موقع مليء بالمعلومات والموارد الثمينة والبرامج والنصائح المختلفة للسلامة على شبكة الإنترنت بحيث يتم إرشاد مستخدمي هذا الموقع عن طريق شخصيتين كرتونيتين هما "سيف" و"صقر" بأسلوب ترغيبي وحث محمود، ولم يهملنا الموقع، بل وضع أقسام خاصة للوالدين والمعلمين والشباب حيث تتوافر العديد من برامج الحماية التي يمكن لأولياء الأمور استخدامها لضمان سلامة أطفالهم على شبكة الإنترنت.
ولمزيد من تحقيق الأمن والسلامة السيبرنتية أنشأ "فريق مركز قطر للاستجابة لطوارئ الحاسبات" — "كيو سيرت"  — لتوفير الحماية لنظم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدولة قطر، حيث يعمل مع الهيئات الحكومية والشركات والمواطنين بدولة قطر لتوعيتهم بالمخاطر التي تحدق بقطاع المعلوماتية وحماية المعلومات الحساسة وضمان سلامة الأطفال على شبكة الإنترنت.
شكرا مجلس قطر للاتصالات،
حقيقة لقد قدمتم للمجتمع أحلى هدية.. نتفق معكم ويسرنا أن نضع يدنا بأيديكم لمناهضة الاستغلال والتعدي عبر الانترنت فالعالم الواقعي حقيقة ليس في خطورة العالم الوهمي، بل إن عالم الانترنت ليعد اشد خطورة وأكثر مواطن التعدي والاستغلال والخداع، لأنه عالم دون ملامح، دون هوية، لذلك فهو ليس وهميا فحسب بل هو مخادع وكاذب ومضلل.
ولأنها أمانة اجتماعية ومجتمعية، ننتهزها فرصة لأن ندعو أنفسنا وإعلامنا للتعاون في نشر هذه الرسالة التربوية النبيلة خصوصا وإننا لا نضمن أن يفتح كل فرد منا وفي مجتمعنا مواقع الأمن والسلامة السيبرنتية على موقع الانترنت لمجلس الاتصالات، ولكننا نعلم أن الفرد في قطر لا ينفك عن قراءة صحيفته اليومية أو متابعة برنامجه الصباحي "وطني الحبيب صباح الخير" أو برامجه التلفزيونية المحلية، فهذه المنافذ المحلية ضرورة إضافية لترويج برامج الأمن والسلامة السيبرنتية والتوعية بمغبة الفضاء الرحب الذي يقضي أبناؤنا جل أوقاتهم في عالمه الوهمي في غياب أبوي وأسري.
كما نتمنى أن تتكاتف جهود مجلس التعليم ورسالة مجلس الاتصالات لأن تخصص حصة أسبوعية من حصص تكنولوجيا المعلومات لتعليم وتوعية الطلاب بمختلف أوجه السلامة السيبرنتية وبرامج الحماية.
لن ندعي ونحن أولياء أمور أن جل المسؤولية تقع على الدولة أو المؤسسات التربوية أو الإعلامية أو الاتصالية، ولكن دعونا نعلن تقصيرنا كأسر ولنعمل معا لنمحو جميعا أميتنا الرقمية الأمنية.
لننخرط في مدارسها التعلّمية الذاتية وورشها التدريبية..
أليست هي جزءا من تحديات التربية الأسرية في مجتمعاتنا ذات الاستهلاك الرقمي التي لم تعد تعرف ماذا تتابع... أعالم الانترنت أم ذُريّته؟