الخميس، 15 نوفمبر 2012

لا «سوبرمان» كبير على القانون

 مداد القلم/ الشرق
26 ديسمبر 2010

سعادة نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة والصناعة السيد عبدالله بن حمد العطية عطفا على حواركم الجريء مع الشرق القطرية عشية الاحتفال بتحقيق قطر لحلمها الكبير بإنتاج 77 مليون طن من الغاز المسال والمنشور بتاريخ 13 ديسمبر 2010 تحت عنوان: " أنا لا أؤمن بالموظف "السوبرمان".، نبارك لقطر ولحكومتها ولكم ولفريق العمل الجماعي هذا الإنجاز الكبير.
ولعلنا ننتهز هذه المناسبة وبصفتكم الأولى عموما يخاطبكم هذا المقال خصوصا وإننا نعلم أن مجلس الوزراء الموقر في عمله السامي ورسالته الوطنية يحرص أشد الحرص على الدعوة التي صدحتم بها إعلاميا بقولكم:
( هناك أنظمة للعمل يجب أن نحافظ عليها.... نعاقب الصغير ونترك الكبير... هذا لا يجوز، يجب أن يكون الجميع سواسية أمام القانون والأنظمة وليس هناك كبير على القانون، ووجود الرقابة الداخلية في كافة المؤسسات والهيئات ستكون بمثابة " العين المفتوحة " )
في إجابتكم على سؤال الزميل جابر الحرمي رئيس التحرير والزميل حسن أبو عرفات حيث كان:
* كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن التعدي على المال العام وهناك نحو 13 قضية يبحثها ديوان المحاسبة، والادعاء العام هل المشكلة في عدم وجود قوانين رادعة تحاسب المتورطين أم خراب الذمم؟
تحدثتم بصراحة كيف ان قطر اليوم قد أصبحت الأولى عالميا في الشفافية الدولية وهي تساعد على تعزيز الشفافية.
نتفق معكم أن دولة قطر تحرص أشد الحرص على النزاهة ومحاربة الفساد، بل وتعزز قيمة الشفافية.
سؤال الزميلين في الشرق عكس رسالة الإعلام السامية في البحث عن الحقيقة، عن السبب فهل هو عدم وجود قوانين أم خراب الذمم؟ ولأن السائل والمسؤول يعلمان سلفا ان القوانين موجودة حتما؟ ونعلم أن الذمم الفاسدة أو "الخَرِبَة" موجودة في كل زمان ومكان، ولأن الإجابة تكمن في الحد الفاصل بينهما جاءت كذلك وأظهرت ما يريده "الرأي العام" ما بين القوانين وخراب الذمم، فمن يكمن بينهما. هذا هو السؤال! فمن عطل من أو ماذا؟ ولماذا؟
الإجابة وقفت على بيت القصيد أن "لا أحد َ " فوق طائلة القانون لا كبير ولا صغير.
و "لا" في اللغة العربية في هذا الموضع "لا نافية للجنس"، تعني أنه لا جنس لا لمخلوق ولا جنسية أيضا فوق القانون إن صح تحليلنا لرد سعادة النائب موضوعيا ولغويا أيضا.
القانون موجود والذمم التي تنعت بالفاسدة قد تكون صغيرة وكبيرة، ولا كبير عليها. وقطر اكبر شفافة عالميا،
ومع ذلك اعتقد أنكم وقفتم على جرح تعاني منه عدد من المؤسسات والهيئات وهو تيسير وتخصيب بيئة الفساد بل وتطبيع عملها بدلا من تجريمه بوعي أو دونما وعي، خصوصا وان دور الرقابة اليوم لم يعد منظورا أو ربما لم يعد فاعلا، فلم نعد نرى صدى لتلك التقارير الرقابية على المستوى الذي تطمح له الشفافية وقطر أولا، وإن وافقت حجم وعدد مؤسسات الدولة التي تكاثرت وربما فرط عقد متابعاتها أو ربما ظلت مرجعية تبعية بعضها الذممية هذا ثانيا، أما ثالثا، فعدم معاقبة بعض من يسيء الذمة المالية مؤسسيا أدى إلى جعل المال العام لدى البعض "بقرة حلوب" يريدها " على قاعدة "من أمن العقوبة أساء الأدب"،
رغم حرص الدولة وسياستها النزيهة وإرادتها الفاعلة وسنها القوانين الصارمة، هناك مؤسسات في الدولة تفتقر حتى إلى أدنى درجات وأولويات تطبيق النزاهة والشفافية، نعني أنها تفتقر إلى أساس ألف باء الإدارة بالنظم الإدارية العامة فما بالكم باللوائح المالية والإدارية التي تعد خريطة طريق قد تُغيّبْ عمدا، هناك مؤسسات تفتقد وجود لوائح ويصل بعضها إلى درجة مسؤولية "السوبرمان" ليس في العمل الإداري فحسب بل وحتى في الإجراءات المالية وطرق التعاملات البنكية في مخالفة لأدنى أعراف النزاهة والشفافية المحلية والدولية.
أما في بعض المؤسسات فالمشروعات والمناقصات الكبيرة قد تتجاوز العروض والرأيين المالي والفني وهما اللذان — مجتمعان — يحسمان شفافية ونزاهة الاختيار، بل اسمحوا لنا ان نقول قد يكون هناك "باتمان" متخفٍ بما يُمْلى "بضم الميم" سواء رست المناقصة على زيد أو عبيد المقرر سلفا، وما يجرى من إجراءات شكلية تعد مجرد ذر رماد في العيون.
كما أن هناك مؤسسات ترزح تحت صورية اللوائح والتعطيل القسري لها، وبين هذه وتلك كيف تُراقب؟ ولمن تخضع؟ فأين القانون أيضا من سن النظم التي تقي وقوع الفساد في المؤسسات داخليا من أصله سلفا..؟
ومن ثم يجدر السؤال: هل هناك أجهزة مُستثناة من الرقابة المالية والإدارية؟ أم أن الجميع كما تفضلتم سواسية لأنهم أمام قانون؟ كل القطاعات، الحكومي وشبه الحكومي والمجتمع المدني... الصغير مقابل الكبير... المواطن مقابل غير المواطن؟
ومن يراقب أو يتابع التقارير؟ واين تذهب؟ هل يصبها النهر لتجري في مجراه الى البحر ويضيع الماء العذب مع المالح رغم ان بينهما برزخاً لا يبغيان؟ ومن سيقف عن حائط البرزخ المالي ليكشف الغث من السمين؟
تحت أيدي كل شعارات "المان" في اللغة الإنجليزية وشخصياته الرمزية سواء كان "سوبر" مان أو متخفٍ — "بات" مان، أو "عنكبوتي — "سبايدر" مان.،
"المان" هنا الإنسان بصفة عامة،... نريدها كما يراد لها في الإنسانية الصرفة وفي الاستخدام المجازي الرمزي التي جعل منها الكارتون رموزا للخير حتى لو كانت خيالية، المهم أن يكون القفز أو التخفي أو المركزية في الخير ولصالح الشأن العام.. وان تكون الأنظمة سلفا...والرقابة تبعا — كما تريدها الدولة ويحرص عليها المجلس — هي العين المفتوحة لأسمى غايات المصلحة الوطنية لا ضير إن كان من تعدى أو تجاوز خالد بن الوليد المخزوميّ القُرَشيّ أم صهيبٌ الرومــيّ، بــلالٌ الحبشيّ أو فاطمةُ بنت محمدْ.
" تنزهوا جميعا.... وصلوات الله وسلامه على النبيّ الأمي"


أين البحوث الطبية الاستقصائية للسرطان المتزايد في الخليج وقطر؟

مداد القلم/الشرق
12 ديسمبر 2010

لعل ما يؤرق هو ان نسبة السرطان في دول الخليج العربي والشرق الأوسط، بل والعالم بأسره، في تزايد مطرد، ناهيك عن شح وندرة البحوث الصحية والطبية على مستوى الشرق الأوسط، لتحديد أسباب تزايد مرض السرطان في دول الوطن العربي والعراق والخليج على وجه الخصوص، وليس إحصائية النسب السائدة فقط.
يلاحظ أنه دائما ما تقدم التقارير بيانات ناصعة عن العدد والنسب ولكنها تفتقر إلى تقدير الأسباب الكامنة، فوفق تقرير أصدره المركز الخليجي لتسجيل السرطان نشر في يناير 2010 فإن "عدد حالات الإصابة بالسرطان في دول الخليج بلغ 71 ألفا و882 حالة، وفقاً للتقرير التجميعي لمعدلات الإصابة بمرض السرطان في دول مجلس التعاون الخليجي.


حيث جاءت السعودية في المرتبة الأولى في نسبة الإصابة، حيث بلغ عدد الإصابات فيها 51 ألفاً و587 حالة، ثم سلطنة عمان بـ7 آلاف و938 حالة، ثم الكويت بـ5 آلاف و125 إصابة، ثم البحرين بـ3 آلاف و338 إصابة، ثم دولة الإمارات العربية بألفين و518 إصابة. في حين حلّت "دولة قطر" في المرتبة الأخيرة بألف و346 إصابة بالسرطان.. هذا والأرقام في اطراد وتزايد وفقا لما بعد وقت هذا التقرير.
ورغم تقدم الخدمات الطبية في الدول الخليجية البترولية، وإنفاق كل دول الخليج وعلى وجه الخصوص "دولة قطر" الإنفاق الأمثل على الصحة والخدمات الصحية، فضلا عما تشكر عليه الدولة من توفير خدمة العلاج بالخارج للمصابين بالأمراض المزمنة والمستعصية ومنها السرطان، حتى مع الجهود المبذولة في مستشفى الدم والأورام "الأمل" الذي لم يعد يغطي الزيادة المطردة في حالات السرطان. وكما تعاني مستشفيات قطر للدم والأورام العجز فمثلها تعاني المملكة العربية السعودية — وهي سابقة في توفير مراكز علاج الأورام — حيث تعاني أيضا نقصا في عدد الأسرّة والبنية التحتية الطبية التي تتعامل مع هذا المرض.
ومع كل ذلك فإن البحوث الطبية والخدمات الوقائية والعلاجية في مجالها وخصوصا السرطان تظل قاصرة عن تلبية الحاجة الضرورية لمجابهة هذا المرض.
بل وما يؤسف له أن تظل نتائج البحوث المحدودة المطروقة  تابو" غير قابل للنشر أو التداول أو الإفصاح، وكأن البحوث المعنية بهذا الشأن جريمة أو شأن خاص خارج مساحة الشأن العام، وإن سلمنا سلفا بأن هناك بعض النتائج التي قد يؤخر نشرها أو تحجب تقديرا لأسباب أخرى طبية ومجتمعية ووقائية.
وإذا كان معظم الأطباء يرجعون تزايد نسبة الإصابة بالسرطان إضافة إلى التلوث البيئي، إلى زيادة معدل "العمر الطبيعي" لدى الإنسان نظرا للتقدم الطبي، إلا ان الجدلية تفترض ان السرطان وخصوصا في دول الخليج ومنها قطر، لا يصيب كبار السن فحسب بل بدا واضحا أنه يهاجم الشباب والأطفال، وخصوصا اللوكيميا الذي يعد عامل التلوث البيئي واضحا جدا فيه.
هذا في الوقت الذي تحذر فيه منظمة الصحة العالمية من تزايد حالات السرطان في البلدان النامية، حيث يتوقع أن يشهد العالم خلال العشر سنوات القادمة زيادة بمقدار ثلثي الحالات الحالية من مرضى السرطان، كما اكد رئيس الاتحاد العالمي لمكافحة السرطان الدكتور جون سيفر ان اعداد مرضى السرطان في دول العالم العربي تتزايد بشكل مخيف في السنوات الاخيرة. مشيرا إلى ان اعداد المصابين في المنطقة العربية تترواح بين 100 الى 150 حالة جديدة لكل 100 الف مواطن سنويا.
عندما أصبح الحديث عن السرطان حديثا مرعبا في الخليج وقطر، فإن ذلك يستدعي تحركا ليس محليا فحسب بل عالميا، يبحث المسببات وطرق الوقاية بموضوعية وشفافية تبتعد عن حسابات السياسة والتنمية الصناعية والمصالح الدولية. إذ لا يكفي أن نضع التلوث البيئي عامة شماعة نعلق عليها الأسباب دون تحليل عميق أو تحرك يذكر ونحن نستنشق البيئة ونشرب ماءها.
بل ينبغي أن تقف البحوث وقفة صارمة أمام الظلم والتعدي في استخدام بعض الدول بعض مسببات هذه الأمراض المستعصية والمزمنة القاتلة تحت أي ذريعة.
بعض العلماء يصفون السرطان بأنه "حرب خفية"، لكن يجب ألا ينسحب مفهوم هذه الحرب الداخلية للمرض على البحوث الاستقصائية الفاعلة ويجعلها "محرمة".
وفي حين أن التابو في التصريح أو التلميح أو النشر بات يشكل ضغطا سياسيا على صحة البشرية وحق الإنسان في العيش الكريم، وحقه في المعرفة والتوعية والوقاية، نتمنى ألا يحتاج هذا الحق البشري إلى "جوليان أسانج" آخر والى "ويكيليكس" أخرى لتنشر أسباب مرض عضال منتشر أو حرب غير عادلة مع حق من حقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي يخشى فيه السياسيون دمغهم بالضلوع في نشر الأوبئة المزمنة، جاءت الوقفة السياسية والإنسانية الجريئة في الحق والنادرة في مجالها، ليس على صعيد قطر والخليج بل على الصعيد العالمي، في نداء عالمي سابق من نوعه، ركز لأول مرة على البعد البيئي والاستخدام غير العادل للأسلحة المدمرة وأثرها على صحة الإنسان، وزيادة الأمراض المستعصية بعد حربي الخليج، حيث جاء في كلمة جرئية لسمو الشيخة موزا بنت ناصر في افتتاحية المؤتمر الثالث لتحالف الحضارات في ريو دي جانيرو في البرازيل مايو 2010 المنعقد تحت مظلة الأمم المتحدة،
"انه أمام البشرية ملفات كبرى عليها أن تتصدى لها، منها الاستفادة المتكافئة من الطفرة التكنولوجية والبحث العلمي إلى جانب مكافحة الأمراض وتطويق آفات البيئة المهددة للأمن الغذائي والأمن البيئي".
واستشهدت سموها في ذلك "باستعمال الفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية واليورانيوم المنضب الذي تسبب في دمار لا يمكن التعافي منه في المنطقة العربية بوجه خاص، مشيرة إلى أنه منذ حربي الخليج الأخيرتين والعلماء يدرسون الآثار بعيدة المدى لليورانيوم المنضب على البيئة والتجمعات البشرية، إذ أن المنطقة شهدت ارتفاعا في الأمراض المزمنة والمستعصية منذ حرب الخليج الأولى، كما ارتفعت نسبة التشوهات الخلقية وترتبت العديد من الآثار السلبية على البيئة."
أعتقد أنه مع بوادر الأمل في قطر ومنها بزوغ فجر مركز السدرة الدولي للبحوث الطبية والصحة والذي تعاون مع خبراء عالميين ومراكز متعددة، ومنها في مجال طب الدم والأورام السرطانية في أميركا والعالم، نستبشر أن يكون نداء سموها السابق للعالم مدخلا موضوعيا، بل ونطالب به أن يكون وثيقة من وثائق المركز التأسيسية لنهج منظم لبحوث تخدم المنطقة، وتسهم حقا ليس فقط في ما يسود اليوم من حملات التوعية بالكشف المبكر عن السرطان، فقبل الكشف عنه في أجساد البشر وتحمل تبعاته المضنية جسديا ونفسيا، الأجدر بنا أن نكشف عن يد البشر فيه في الأرض والسماء حتى يعرف المرء ما يتقيه وكيف يتقيه.
أوليس العالم يجمع على أن "درهم وقاية خير من قنطار علاج"؟


الريال القطري يتفوق على الدولار الأمريكي

مداد القلم/ الشرق
05 ديسمبر 2010

سمو أميرنا الغالي حمد صرّح لـلجزيرة الرياضية: «اليوم من أحلى أيام العرب، لقد كانوا يعتبرون أن قطر لا تستطيع فعل أي شيء لأنها دولة صغيرة مساحة وسكاناً، واليوم أثبتنا لهم أن قطر قادرة على أن تفعل أي شيء».
لا فض فوك قائدنا وأبانا سمو الأمير، لقد اجتاز حمام السلام وطيوره الوادعة المرسومة على الريال تلك العملة الصعبة بفارق كبير 14/8، فارق هيج غيرة أهله، الدور الذي حدا برموزه الرسمية وإعلامه وصحافته ان تسخر أبواقها ليلتها في برامج وتقارير صحفية تستهجن قرار الفيفا لتعتبره «غلطة»، وكان قبلها قد أعلن الرئيس الأميركي أوباما عن خيبة أمله لعدم فوز بلاده وانتقد قرار المجلس التنفيذي للفيفا بإعطاء هذا الشرف لدولة قطر واعتباره قراراً خاطئاً.
وحجة الخصيم هي كيف تكتسح دولة لم تصل حجم ولاية أو مدينة أمريكية دولة عظمى؟ بل كيف تنافس قارة عظمى مثل استراليا، ودول أخرى تعد في إطار العمالقة صناعيا كاليابان وكوريا الجنوبية؟

نتفق في أن حجم قطر لا يقارن بحجم الولايات المتحدة الأمريكية لا في المساحة الجغرافية ولا السكانية ولا يقارن بالقارات الدول، ولكن مكانة قطر وحجم إنجازاتها دوليا وعالميا وسياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وإنمائيا وإنسانيا لا يختلف عليه اثنان على وجه هذه الأرض، لأن قطر نقشت وجودها في صدر التاريخ على صفحات من نور ليؤكد ملفها بكل من شرف تقديمه إنهم "حقا يقولون ما يفعلون.. ويفعلون ما يقولون". فقطر كما وعدت أوفت، وستفي المونديال وستحقق مكاسب كبيرة ليست على الصعيد الرياضي فحسب بل وعلى الصعيد الدبلوماسي الدولي والاقتصادي والاستثماري والسياحي والتنموي والإنساني. قطر عملة صعبة نظرا للدعم الإنمائي، والإنساني فقد أعطت ومازالت تقدم مبادرات رائدة ودعما للعالم كله، يكفي ان يحمل الملف قسمات الأمن والسلام والتحالف والتعايش السلمي للشعوب فضلا عن خطط الدعم التنموية لما بعد المونديال الممثلة في خطة الملاعب القابلة للتفكيك التي ستفيض عن حاجة قطر بعد المونديال وتقديمها لبناء ملاعب متعددة في البلدان النامية، وهذا لعمري أمر يغذي التعايش والتلاؤم البشري والتكافل التنموي بين الدول والشعوب. عملة صعبة لأنها قبلت التحدي التقني، الذي بالإفادة من الطاقة الشمسية — التي أرادها البعض خللا وعيبا رئيسا للطعن في قدرات قطر على الاستضافة — جعلها ميزة لها في التقنيات الحديثة للتبريد باستخدام الطاقة الشمسية التي تعد نقلة نوعية ليس على المستوى التقني فحسب بل وحتى على المستوى البيئي ودعم المناخ وقضيته التي تشارك فيها قطر في كنكون — المكسيك هذه الأيام. دعم سياسي وأممي تحالفي حين كان سؤال ملف قطر وعلى وجه الخصوص عرض صاحبة السمو "متى "؟ مستعرضة الأسباب والأهداف والإجابة. لحظة كونية حاسمة أرادتها لإبراز أهمية الإفادة من الجو الرياضي الايجابي للكرة الدولية ومبارياتها وأثره البالغ على وحدة المشاعر والصفوف والبشرية جمعاء والتقليل من ويلات الحروب والصراعات في العالم بأسره وفي هذه البقعة المشتعلة من العالم على وجه الخصوص. عملة صعبة لأن الدول ليست بحجم احتياطياتها الهائلة سواء من النفط أو الغاز لمن أراد أن يسخر بقطر كونها "إمارة نفطية"، وإلا فكان الأجدر بأن تتشرف بالمكتسبات التي حققتها قطر من تنعم إضافة إلى الثروات بكبر مساحتها الدولية الشاسعة. قطر بالمال والإرادة معا صنعت ونقشت مشاريع وإنجازات طموحة هي سر السمعة العالمية رغم صغر حجمها، وهذا هو الفرق بين التخطيط والارتجالية. فقطر لا ترتجل المواقف بقدر ما تعمل وفق رؤية سديدة سددها الحكيم أميرها حمد وزوجته وأنجاله. إنها رؤية صعبة على الأنداد، ولمن أراد أن يتابع الرؤية فلينظر أبعد من "الخميس الأبيض" ليجد أن الملف لم ينته في زيوريخ من مجرد إعلان بلاتر أو مجرد رفع الكأس ودموع الفرح، بل تابعت قطر ممثلة بسمو الشيخة موزة وسعادة الشيخ محمد يوم الجمعة تسديد رسالة قطر العالمية في الاستقبال الشعبي العالمي من كل جنسية في مطار الدوحة وكورنيشها وتقدم كل من سمو الشيخة وأنجالها وأحفادها في سيارة مفتوحة، وسعادة الشيخ محمد وفريق الملف في باص مفتوح في مسيرة قطر يؤكد علامات فارقة تنتظر أي ملف رياضي ترتجيه الفيفا والمجتمع الدولي: أولها "الشعبية" التي تعشقها كرة القدم والتي ستجد في ارض قطر وأميرها وشعبها المختلط الأجناس ترابها، ومن ثم فإن قطر لمن لا يعلمها "واحة أمن وأمان" يسير فيها القائد مع الشعب دون حواجز أو جدران أو أسقف تلك هي ثمرات سمو الأمير في قطر والتي تعد أهم اشتراطات اللجان لاحتضان مثل هذا المونديال العالمي. أما عن حب قطر لأبنائها ومن يقطنها وحب الأبناء لها ولأميرها وحكومتها فإنها ظاهرة قطرية محلها الفؤاد لا المساحات مما قد تفتقدها القوى العظمى في مساحاتها الكبرى، ليست هي تلك التي ترتبط بالعملة، والعمل، أو المنصب، أو الاقتصاد أو الذات، إنها محبة لا تقاس لا بدرهم ولا دينار، إنها قلب والقلب لا يباع ويشترى. انه الإعجاز الذي جعل أسرة قطر ماثلة من الأمير إلى أصغر حفيد، وسينجح الملف كما وعد قائد الشباب، إذ "ما أشبه الليلة بالبارحة"، فمازلنا نذكر الذكرى التاريخية عند افتتاح المدينة التعليمية فقد قاد الأمير سيارته وعلى يمينه سمو الشيخة موزة أمام العالم كله لأول مرة رمزا للقيادة التي تقود الحكمة وتشاركه المرأة فيها، وتحقق الوعد وعمرت المدينة بإنجازات عالمية في غضون سنوات قليلة وهي اليوم عاصمة تعليمية وبحثية عالمية، "والخميس الأبيض" صعد الأمير المنصة وسموها بجانبه يدا بيد.. والجمعة قاد الشيخ جوعان السيارة وهند على يمينه ويقل الأم بل والأحفاد "بنينا وبنات" الذين سيكونون عن قريب شباب المونديال، ويا لها من رسالة للعالم.
ملف قطر ختم في الدوحة بتقديم المثل الأعلى للأسرة القطرية المثالية من أعلى الهرم ولكن في موقف غير برجوازي أو ارستقراطي أو برستيجي أو بروتوكولي أو عاجي أو منحاز لفئة أو جنسية أو جنس، ملف صنعته أسرة قطر الحاكمة والمحكومة وشعب قطر ومن يقطنها في أخوة فريدة تعلم فنون الريادة والقيادة وحب الحاكم والمحكوم وولاء الشعب.
إنها العملة الصعبة .............
فهنيئا لقطر أميرا وحكومة وشعبا...فور إعلان جوزيف بلاتر فوز قطر باستضافة مونديال 2022 أثبتت قطر للعالم بأسره أنها عملة صعبة لا تهزم بل تقبل التحدي، فبعد صمودها العالمي النادر أمام الأزمة الاقتصادية العالمية والدور الدبلوماسي البارز عالميا، أثبتت قطر أنها جديرة بالانتصارات الخلاقة، حتى لو كان أمام أعظم امبراطورية وذات أصعب عملة ألا وهي الدولار

في عالم الإنترنت.. «خصوصيتك مسؤوليتك»

مداد القلم/ الشرق
28 نوفمبر 2010

مباركة هي تلك الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في سبيل التوعية بالأمن السيبرنتي ومحو الأمية الرقمية التي تعد من أهم أنواع الأمية التي يجب أن تتكاتف الجهود لمواجهتها ومحوها في العالم اليوم خصوصا في وطننا العربي الذي يفتقر إلى التطبيق الأمثل لمثل هذه البرامج التوعوية على النطاق التربوي والتعليمي.
كان مجلس الاتصالات قد أطلق حدائق الانترنت منذ فترة طويلة دعما لنشر العلم والمعرفة التي تجري مع الإنسان اليوم في كل مكان، كان ذلك قبل انطلاق الجيل الجديد من أدوات عصر السرعة الرقمية التي حملت مختلف الأجهزة مختلف وسائل التواصل المهني والاجتماعي في ضغطة زر واحدة على أجهزة الآي باد أو الآي فون أو البلاك بيري.
ويا لها من ضغطة أو كبسولة، ويا له من زر رقمي؟
كما هي المعرفة قد تيسرت، انبثقت معها تحديات أخرى تواجه الأسرة والمدرسة التي تعد كل منهما مؤسسات التربية الأولى، لذلك كانت التفاتة مهمة أن يتوج المجلس جهوده في النشر الالكتروني بتسليح الطفل والشاب بأدوات الحماية تزامنيا مع نشر المعرفة حتى لا يتم استغلالهم بأي شكل من الأشكال.
فعقد المجلس منتدى محو الأمية الرقمية الذي أتاح فيه لنا الفرصة إلى الوقوف على مختلف التحديات التي تواجه هذا المجال.
.. فكر قبل أن ترسل! 
كان هذا شعار اليوم العالمي لإنترنت أكثر أمانا لهذا العام الذي يُعقد بتنظيم من برنامج اليونيسيف — في 9 فبراير من كل عام لتشجيع الاستخدام الآمن والمسؤول لشبكة الإنترنت والهواتف المحمولة وخاصة بين الأطفال والشباب وهم الفئة المستهدفة.
المجلس وجه فيه أيضا رسالة مهمة لأولياء الأمور والأطفال على حد سواء لتذكيرهم بأن المعلومات والبيانات التي تُنشر على شبكة الإنترنت في مختلف المواقع الاتصالية والاجتماعية تصبح في متناول يد الملايين والملايين من المستخدمين في نفس اللحظة التي يقرر فيها الفرد "بزر واحد" أن ينشرها على الملأ مما قد يجعله عرضة للتعدي الإلكتروني.
وكما عودنا المجلس في رسالته التوعوية الهادفة، فقد أثلج صدورنا المتعطشة كأولياء أمور لحماية أطفالهم على الانترنت بحملة إعلامية حملت إعلانا واعيا مفاد شعاره
" في عالم الانترنت.. خصوصيتك مسؤوليتك" ليذكر إن كان لا باس من الملاذ المعلوماتي والترفيهي، فإن عالم الإنترنت ينطوي على نفس مخاطر العالم الحقيقي. خصوصا مواقع التعارف الاجتماعي على شبكة الإنترنت، محذرا من مغبة مشاركة الصور الشخصية مع الغرباء فضلا عن البيانات الشخصية وتفاصيل الحياة الخاصة والأسرية وأماكن وجود الفرد في العالم الحقيقي.
لم ينتهز المجلس فقط المناسبات الدولية للتركيز على أهمية ضمان سلامة الأطفال على شبكة الإنترنت، مع تشجيعهم على الفضول وحب المعرفة والإفادة من مزايا الرقمية وآفاقها الواسعة. كان قبل ذلك ايضا قد واجه تحديات عالم القرية الكونية وذريتها الالكترونية، فأطلق إعلانا في حملة سابقة وضع شعاره:
"امنوا سلامتهم ولا تغفلوا فضولهم."
كما وضع حماية الأطفال على شبكة الإنترنت على قائمة أولوياته، فأطلق "سيف سبيس — الفضاء الآمن" _ "SafeSpace.qa" على موقعه الإلكتروني، وهو موقع مليء بالمعلومات والموارد الثمينة والبرامج والنصائح المختلفة للسلامة على شبكة الإنترنت بحيث يتم إرشاد مستخدمي هذا الموقع عن طريق شخصيتين كرتونيتين هما "سيف" و"صقر" بأسلوب ترغيبي وحث محمود، ولم يهملنا الموقع، بل وضع أقسام خاصة للوالدين والمعلمين والشباب حيث تتوافر العديد من برامج الحماية التي يمكن لأولياء الأمور استخدامها لضمان سلامة أطفالهم على شبكة الإنترنت.
ولمزيد من تحقيق الأمن والسلامة السيبرنتية أنشأ "فريق مركز قطر للاستجابة لطوارئ الحاسبات" — "كيو سيرت"  — لتوفير الحماية لنظم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدولة قطر، حيث يعمل مع الهيئات الحكومية والشركات والمواطنين بدولة قطر لتوعيتهم بالمخاطر التي تحدق بقطاع المعلوماتية وحماية المعلومات الحساسة وضمان سلامة الأطفال على شبكة الإنترنت.
شكرا مجلس قطر للاتصالات،
حقيقة لقد قدمتم للمجتمع أحلى هدية.. نتفق معكم ويسرنا أن نضع يدنا بأيديكم لمناهضة الاستغلال والتعدي عبر الانترنت فالعالم الواقعي حقيقة ليس في خطورة العالم الوهمي، بل إن عالم الانترنت ليعد اشد خطورة وأكثر مواطن التعدي والاستغلال والخداع، لأنه عالم دون ملامح، دون هوية، لذلك فهو ليس وهميا فحسب بل هو مخادع وكاذب ومضلل.
ولأنها أمانة اجتماعية ومجتمعية، ننتهزها فرصة لأن ندعو أنفسنا وإعلامنا للتعاون في نشر هذه الرسالة التربوية النبيلة خصوصا وإننا لا نضمن أن يفتح كل فرد منا وفي مجتمعنا مواقع الأمن والسلامة السيبرنتية على موقع الانترنت لمجلس الاتصالات، ولكننا نعلم أن الفرد في قطر لا ينفك عن قراءة صحيفته اليومية أو متابعة برنامجه الصباحي "وطني الحبيب صباح الخير" أو برامجه التلفزيونية المحلية، فهذه المنافذ المحلية ضرورة إضافية لترويج برامج الأمن والسلامة السيبرنتية والتوعية بمغبة الفضاء الرحب الذي يقضي أبناؤنا جل أوقاتهم في عالمه الوهمي في غياب أبوي وأسري.
كما نتمنى أن تتكاتف جهود مجلس التعليم ورسالة مجلس الاتصالات لأن تخصص حصة أسبوعية من حصص تكنولوجيا المعلومات لتعليم وتوعية الطلاب بمختلف أوجه السلامة السيبرنتية وبرامج الحماية.
لن ندعي ونحن أولياء أمور أن جل المسؤولية تقع على الدولة أو المؤسسات التربوية أو الإعلامية أو الاتصالية، ولكن دعونا نعلن تقصيرنا كأسر ولنعمل معا لنمحو جميعا أميتنا الرقمية الأمنية.
لننخرط في مدارسها التعلّمية الذاتية وورشها التدريبية..
أليست هي جزءا من تحديات التربية الأسرية في مجتمعاتنا ذات الاستهلاك الرقمي التي لم تعد تعرف ماذا تتابع... أعالم الانترنت أم ذُريّته؟


الصِّـــــدق شَــــــر

مداد القلم/الشرق
21 نوفمبر 2010

نتمنى ألا تستعجلوا في الحكم...ليغضب من يغضب ممن قد يظن سوءاً أو يفهم خطأ بأني أدعو لنبذ الصدق والتعامل بالكذب.... أبداً، ليس هذا بيت القصيد ولكن اللغة العربية ذات أسرار وجواهر فهناك جواب شرط لفعل الشرط أو حرف الشرط هنا يأتي بعد كلمة إذا؟
تماما مثلما جاء في الشعر والحكمة.. وقدوتنا أبو الطيب المتنبي عندما قال وهو يخاطب الحمى وهي "المرض" الذي اقض مضجعه بعد عدد من أنواع السقام بعد قوله:
أراقب وقتها من غير شوق ........مراقبة المشوق المستهام
 فيصيح فيها المتنبي مناديا برجاه الإخلال بوعدها وينهاها عن الصدق قائلا:
ويصدق وعدها والصدق شر....... إذا ألقاك في الكرب العظام.
ثم يزجرها بقوله:
أبنت الدهر عندي كل بنت فكيف وصلت أنت من الزحام
صدقت الحمى وعدها وأنجزته، فأوجعت أبا الطيب واقتحمته ليلا، وتخطت الزحام لتوقعه في الكرب العظيم كما وصفه.
وقد أبدع المتنبي في وصفها سلفا بقوله:
وزائرتي كأن بها حيــــــاء فليس تزور إلا في الظلام
بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي
يضيق الجلد عن نفسي وعنها فتوسعه بأنواع السقـــــام
كأن الصبح يطردها فتجري مدامعها بأربعة سجــــام
... ولكن المتأمل سيلاحظ أن الصدق ليس شرا في حين واحد فقط وهو المرض، بل لو عاش المتنبي إلى عصرنا هذا لجزم بالأصابع العشرين لا العشرة وبمعلقات لا قصيدة واحدة بأن الصدق جُلّهُ ليس كما قال العرب: "منجاة" بل كثيرا ما يكون "مهلكة وضياعا" خصوصا في زمن ساد فيه الكذب، بل أضحى ممارسه بطلا متوّجا في كل مضمار خصوصا عندما يُعلَمُ كَذِبهُ ويتم التغاضي عنه، الأمر الذي يؤدي إلى استشراء الكذب وتحويله من نقيصة ومذمّة إلى قيمة عظمى في الحياة وذلك على أنقاض الصادقين وأكفانهم.
برافو.. المتنبي،
انك اسم على مسمى.. ربما أسموك المتنبي لأنك تنبأت بتحول القيم في عالم اليوم إلى رذائل والعكس.
اصحُ... قمْ من قبرك وانظر..
لقد أصبح الكاذب واصلا ومحترما والمنافق مهضوما ومطاعا..
أما الصادق — فللأسف — فلا يتخطى بصدقه إلا ما يرتئي أن يجنيه في دار أخرى موعودة بـ "طوبى لهم وحسن مآب" ونِعمَ الدار حقيقةً، أما الكاذبون فهم خفافيش الظلام ولكنهم في درجات عليا يغلفهم كذبهم في دنيا المصالح... وهي دنيا...
لست أعني التجمل ولا الدبلوماسية قطعا، بقصد ما نعني الكذب في الحقائق في الحياة العامة أو العمل والتدليس والتزوير فيها الذي أصبح دين كثير من الناس وديدنهم في مختلف مجالات الحياة.
وما بين نبوءة المتنبي وبين واقع الحال في زمان أغبر.... بتنا في صراع جدلي مؤلم:
هل نربي أبناءنا على الصدق والخير أم الكذب والتدليس؟
هل نربيهم على الاستقامة أم على المراوغة والتعمية؟
خصوصا عندنا نجد كثيرا من "المنافقين والمخادعين" يصعدون على أعتاب منابر الكذب والتضليل في مجتمعات تدعي القيم وهي لم تنجح ليس في مجال تعزيز قيمة الصدق كفضيلة في الخلق الاجتماعي العام فحسب بل لم تفلح حتى في مجالات أعمالها أو إجراءاتها المهنية الموسومة بالشفافية والنزاهة أن تمنع الكذب الذي لم تسلم شوائبه من أن يكون كذبا قوليا باللسان فحسب، ولكنه كما ينعته العرب "تزوير في أوراق رسمية " أي كذب كما يقول المثل الشعبي "على عينك يا تاجر" على مرأى ومسمع من الجهات المسؤولة، أي تدليس وأي تضليل وأي نزاهة وأي شفافية.
العرب سابقا عانوا من الظلم بقولهم:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلّة لا يظلم
أظنهم اليوم يصرخون:
والكذب من شيم النفوس فان تجد ذا عفة فلعلّة لا يكذب
لقد أصبح "الصدق شرا" بات الكثير يخاف عاقبة قوله، ومع ذلك يصدق الصادق فيضرب ويعود ليصدق فيضرب مرة أخرى ويعود ليصدق حتى يكتوي بصدقه وكذبهم... ولن نكرر نكتة الصعيدي والمقص قبل أن يُغطّس غرقا في البحر لأنه اعترف بان ما أمامه "مقص.. مقص...، مقص.." تحت التهديد لأن يغير أقواله حتى ينجو وهو حقا كذلك فهلك.
كيف يعود الصدق للكون ولم يترك الكاذبون مكانا للصادقين....
كيف تفعّل قيمة عظيمة مثل "الصدق" في مجتمعات "الهرولة" و"القفز" مجتمعات "النفاق " و"المصالح" و"الأنا" وما تسلم إليه من "جور وظلم "....
أخال البعض سييئس ليردد على مدى الزمن قول المتنبي:
ويصدق وعدها والصدق شر إذا ألقاك في الكرب العظام
ولكن أيها "الصادقين المكروبين "..: لا تجزعوا
"أحَدٌ... أحَدْ..." موتوا دون شرفه...... طاب صدقكم.

الحج... وتوقيت مكة المكرمة

مداد القلم/ الشرق
14 نوفمبر 2010

بعض وسائل الإعلام الأمريكية نشرت خبرا عن ساعة مكة بأنه "إنذار سياسي برغبة المسلمين في الهيمنة على العالم والسيطرة على الكون لأن تدشينها شكل خطورة تطبيق عملي لدعوة استبدال توقيت مكة بتوقيت جرينتش"، حيث إنها تقوم بتحديد اتجاه القبلة من أي مكان في العالم.
العلماء اشبعوا أهمية موقع ووقت مكة بحثا فالدكتور العالم زغلول النجار أوضح أن مكة المكرمة تتوسط اليابسة‏، ‏واستشهد على ذلك بما توصل إليه الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين‏ في أثناء تحديده لاتجاهات القبلة من المدن الرئيسية في العالم، فلاحظ تمركز مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات السبع التي تكون اليابسة‏.‏ وان الأماكن التي تشترك مع مكة المكرمة في نفس خط الطول ينطبق فيها الشمال المغناطيسي (الذي تحدده الإبرة الممغنطة في البوصلة) مع الشمال الحقيقي الذي يحدده النجم القطبي.
وهذا يعني أنه "لا يوجد أي قدر من الانحراف المغناطيسي على خط طول مكة المكرمة،‏ بينما يوجد عند جميع خطوط الطول الأخرى‏ بما فيها خط جرينتش؛ حيث يبلغ مقدار الانحراف المغناطيسي عند خط جرينتش 5.8‏ درجة إلى الغرب".
وقديما في ظل سياق السطوة، لم يتردد العالم في استخدام توقيت جرينتش بل أفاد الكثير من العلماء سلفا بأن "الإنجليز فرضوا خط جرينتش كمعيار للتوقيت على العالم بالقوة أثناء الهيمنة الاستعمارية البريطانية التي زال ظلها وبقيت آثارها".
واليوم، لسنا في حروب سياسية ولا إعلامية أو جيوسياسية ولكن إذا كانت الأبحاث العلمية التي يؤمن بها العالم المتقدم أكثر من العقائد نفسها قد أثبتت دقة النظرية القائلة بأن مكة المكرمة هي مركز الكرة الأرضية وأهمية اعتماد توقيتها توقيتا رئيسا أيضا، فلماذا لا يتم التعامل الدولي بها أيضا أسوة بجرينتش ومتزامنا في كل الاستخدامات مع جرينتش بالإشارة إليها بمسماها "بتوقيت مكة المكرمة" ورموزه كما يستخدم توقيت جرينتش ورموزه " دون إدخال التأويل الديني في السلطة والسيطرة السياسية.
قد يرفض الغرب هذا الأمر لأسباب دينية أو "فوبيا دينية" أو لأن التوقيت الخاص بخط جرينتش تم استخدامه منذ أكثر من مائة عام في الغرب، ولكن لا بد من أن تعتمد الإشارة له رسميا في إعلامها مثل تقدير واعتماد توقيت التاريخ الهجري.
ولا ينسى في هذا المقام تقديم الشكر لشبكة الجزيرة فكان انطلاق الجزيرة بتوقيتين سابقة إعلامية دولية من نوعها في احترام نطاق يعد مركزا يضاهي نسبة التوقيت إلى دولة أو قطر بعينه حتى لو اتخذت أراضي القطر أو الدولة مقرا لشبكاتها أو قنواتها سواء بثت من دولة قطر أو غيرها من الدول العربية أو الإسلامية، هذا إضافة إلى احترامها — وهي الشبكة الدولية — مدار توقيت جرينتش المار بلندن والمتعارف عليه دوليا منذ أكثر من مائة عام،، فالإعلام الدولي ليس لسان دولة بل هو ذو منطلقات جغرافية وجيوسياسية وكونية أيضا.
لذلك تبقى مكة مركزا كونيا فهي القلب الذي تشرئب له اليوم قلوب الحجيج وقلوب كافة المسلمين في كل مناحي الأرض على مدار العام لمكانتها الدينية والتاريخية الفريدة وارتباطها بالعبادة الرئيسة.
بل وان نفرة الحجيج وموسم الحج يعد الحدث الأضخم عالميا في الأنباء الدولية سنويا في هذا التوقيت ف"الحج أشهر معلومات" وتوقيت مكة قائم بذاته طوال العام كوجود تاريخي دون أن يفرض أهميته أو ضرورة طرحه الوجود المعماري لمجرد ساعة ضخمة الهندسة والطراز الفني على ثاني أعلى برج في العالم وما تبع ذلك من تأويلات سياسية دينية.

ساعة مكة التي تضاهي ساعة بيغ بن وتوقيتها الذي يضاهي توقيت جرينتش في الحقائق العلمية، منذ تدشين تلك الساعة لم نكن لنتصور - نحن المسلمين - أن يساق توقيت مسارا سياسيا بأن يؤول توقيت مكة وساعاتها العالمية الضخمة تأويلا سلطويا للسطوة التاريخية والسياسية والكونية أيضا.

التوقيت الشتوي «المعكوس» هل تنظر فيه دولة قطر؟

مداد القلم/ الشرق
07 نوفمبر 2010

الأطفال عيونهم لا تكاد تفتح من شدة النعاس!!
 مبدئيا قد تجد كل أمّ عناء كبيرا وهي تهز أطفالها كل صباح لأن يستيقظوا نشطين ليوم شتوي مليء بالطاقة لتبقى هي في قمة النشاط جراء هذه المشادة اليومية القاتلة، بينما تختفي عين الشمس قليلا وتظهر على استحياء خلف الأفق متأخرة عن موعدها بعد الانقلاب الخريفي لتبدأ حلقة جديدة من الضوء والظلمة واختلافات بين ساعات النهار والليل تختلف حتما حسب بعد كل بلد عن خط الاستواء.
لكن ما إن يصحوا حتى يتدفق النشاط في الجميع في نهار شتاء بهيج محفز تتمنى الأسرة أن يطول نهاره في قطر كطول نهار صيفه "الكئيب".
يذهب الأطفال للمدارس ويعودون بعد أذان العصر وتغيب الشمس فجأة وربما ربّ البيت أو حتى ربّته ما زالا في أعمالهما خلف عين الشمس لتباغت الأسرة في بلد مثل قطر لا يملك من برامج الليل سوى التجمع الروتيني "الرياضة المشي لمحبيها بالطبع" والعشاء والنوم، والخاسر الوحيد في نهار الشتاء هم البشر "محبو النهار ومرتادوه" حين يداهم الغروب النهار على عجالة دون أن يصل "النهاريون" ولا مرتادو البر والروض والربيع إلى مراميهم بعد عناء يوم عمل طويل ليجدوا أنفسهم أمام نشاط ليلي فقط يتركز على "شبة الضو" في الصيوان أو العنّة وسمر المساء بما تغدقه الإبل أو الماعز أو "الشوهات" من حليب يتم تسخينه على الحطب في اشتياق حميم لنيل الدفء من أحضان "الضو" أو ما إلى ذلك من برامج شتوية ليلية على عجالة، يأكل العمل نهارها ويطول ليلها على عاشقي البراري.
يبدأ في عدد من دول الجزء الشمالي من الكرة الأرضية هذا الوقت بين آخر يوم "أحد" في أكتوبر أو أول "أحد" في نوفمبر تغيير التوقيت إلى الشتوي.
وإذا كان نصف البريطانيين مكتئبون مع العودة إلى توقيت «غرينتش» مع انخفاض مستويات أشعة الشمس، ونصف المليون منهم يصابون بعارض «اختلال تغيّر الفصول» أو "الاكتئاب الشتوي المَرَضي" المعروف اختصارا بالأحرف اللاتينية SAD مع عودة عقارب الساعة إلى توقيت غرينتش، وفق الاستطلاع الأخير الذي كشف عنه الاثنين الماضي وتقرير الخبراء في مؤسسة «برايوري» المعنية بالصحة العقلية.
وربما مثلهم الأوربيون والأمريكيون كلما توغلت شمالا، فأعتقد أن نصف أو معظم القطريين يكتئبون من العكس، وهو مباغتة شمس الغروب السريعة لتقتل النهار القصير أصلا، خصوصا مع ما بدا معروفا لدينا من قيمة النهار في قوله تعالى:
(وجعلنا الليل لباسا. وجعلنا النهار معاشا)، ووفق ما شهد به العلامة ابن خلدون في دراسته عن تأثير الجو البارد إيجابيا على طبائع العمران والإنسان وعلى الطاقة والإنتاج وأهمية استغلاله، وما صدح به شعراء شبه الجزيرة القدماء في طول الليل وأرقه وتمني انجلائه، لتشرق شمس جديدة بأملها، والذين يجدر تحليل أبياتهم وشعرهم حول الليل في الدراسات الانثروبولوجية الحديثة.
◄ وفي الغرب...
بعد أن رقد كل من الأمريكي "بنجامين فرانكلين" والبريطاني "ويليام ويلت" رقدتهما الأبدية، أعلنت ألمانيا كأول بلد أتباع التوقيت الصيفي لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى، وتبعتها بريطانيا بعد ذلك بقليل لإيجاد وسائل جديدة للحفاظ على الطاقة.
لا ندري وقتها إن كان قد ضاق على الأمريكي بنجامين فرانكلين قبره أو انشرح، وهو الذي لم يؤخذ بجدية عندما كان أول من طرح الفكرة التوقيت الصيفي في 1784، خصوصا وهو الذي أعمل فكره وهو يتجول في المدينة على حصانه بعد أن لاحظ أن الناس يغطون في نوم عميق بعد أكثر من ثلاث ساعات من طلوع الشمس، لم يصغ ِ له أحد وغطوا في سبات عميق.
وذاق البريطاني ويليام ويلت مرارة كأس الرفض بعده في بداية القرن الـ20 عندما طرح ذلك من جديد وروج له، ورغم تمرير مشروع قانون ناقشه البرلمان البريطاني في 1909 إلا انه مات "بخفي حنين" كما يقول العرب..
ولكن حقوق الملكية الفكرية والتاريخية حفظت الاسمين كأول شخصين سعوا لأهمية معادلة التوقيت الصيفي والشتوي المسمى بـ Daylight — Saving Time
والهدف من زيادة ساعة للتوقيت الرسمي هو تبكير أوقات العمل في ساعات النهار التي تزداد تدريجيا من بداية الربيع حتى ذروة الصيف، وتتقلص من هذا الموعد حتى ذروة الشتاء نظرا لميل محور دوران الكرة الأرضية بنسبة 23.4 درجة مقارنة بسطح مساره حول الشمس.
◄ وماذا عنا؟
لم نمتطِ حصان فرانكلين ولا حتى حصان طروادة لنجوب قطر الصغيرة مع شروق الشمس رغم انه حلم يراودنا، ولن ندعي علما ليس لنا ولكن أخالنا نحن أيضا بتوقيتنا الحالي في "زون" يجدر النظر فيه، بصفتنا بشر نفكر أننا نفقد في ظل هذا التوقيت ثمرة نهار منتج، نفكر في خسارتنا ساعات النهار في الشتاء وهو القصير أصلا، ربما ليس في رغبتنا في تأخير شتوي نصف سنوي لتوقيت ساعة مثل تأخير بلدان "غرينتش" والدول الغربية الشمالية في اختلاف مواقعهم، ولكن على العكس نريد تبكير وقت دولة قطر لساعة في الشتاء بتقديمها60 دقيقة حتى لو طلعنا في بكور أبكر مع إشراقة الشمس، فلا بد من استغلال فترات النور، أو الظلام حسب متطلبات قطرنا المعيشية والاقتصادية والزراعية والاجتماعية وغيرها، عن طريق الإضافة أو الطرح من التوقيت الأصلي المحدد حسب الموقع الجغرافي الصحيح.
خصوصا وإننا مع الحديث القائل "البركة في البكور" فضلا عن تزامن صحونا جميعا لصلاة الفجر التي يرتبط وقتها شتاء بوقت الصحو وما تكتسبه من دور أيضا في حفز الرجال والشباب على ارتياد المساجد والخروج منها مباشرة للسعي للعمل وطلب الرزق، لا العودة لنومة قصيرة تجر إلى أطول وتأخير عن مواعيد العمل تحت دفء البطانيات، تؤثر على الإنتاجية سلبا.
ومن ثم بهذا التغيير المبكر تتم العودة بعد يوم عمل منتج للتمتع بالاجتماع العائلي المحمود على الغداء، الذي يعالج مشكلة التفكك الأسري الذي بدأ في الظهور بشكل واضح، فضلا عن إيجاد وقت إما لقيلولة أو استرخاء أو الخروج في نشاط ممتع خصوصا وقطر بيئة برية تقع معظم أنشطتها الشتوية الترفيهية في البر والرياض والكثبان الرملية.
وما لضوء النهار أيضا من أهمية في إمكانية تقليص نسبة حوادث الطرق لدى الشباب مرتادي البر الذين يأتي معدل موتهم من الحوادث ثاني اكبر سبب للوفاة في دولة قطر، مع بحث ما في "الزون" أو النطاق الجغرافي من ميزات أخرى قد تعود على قطر وناتجها البشري والقومي والتنموي في العمل والطاقة بمختلف أشكالها المهنية والبشرية، وتقدير ساعات الترويح والنوم التي يحتاجها المرء بعد يوم عمل.
مثل هذه الأسباب فطنت لها الدول العظمي أيضا فأوصت الجمعية الملكية البريطانية لمنع الحوادث مرارا عديدة بالحفاظ على التوقيت الصيفي في الشتاء أيضا، أي عدم العودة إلى توقيت غرينتش الصحيح مع إضافة ساعة أخرى في الصيف، أي ساعتين إضافة إلى توقيت غرينتش، معللة ذلك بتخفيض نسبة حوادث السيارات والمرور للاستفادة من نور الشمس والحيلولة دون قيادة السيارات في الظلام..
لا بأس بأن نفيد من وقت الشتاء في بلداننا ،المعتدلة شتاء والحارة القاتلة صيفا، بحيث يعود توقيت الصيف إلى وقته السابق، والملاحظ أن كثيرا من البلدان العربية مثل المغرب ومصر وسوريا والعراق والأردن ولبنان وتونس لم تتبع التوقيت الصيفي الغربي كما هو، بل راعت تغييرات أخرى في التقدير حسب الظروف الزمنية، وكذلك عدد من الدول في ذات النطاق مثل إسرائيل، وإيران التي تتبع التقويم الفارسي. وقد تبعت بعضها في ذلك الفكرة في التغيير في كل من الاتحاد الأوروبي، روسيا، تركيا وأغلبية بلدان أوروبا الشرقية والقوقاز، الولايات المتحدة وكندا، بهدف استغلال فترات الشمس الطويلة حيث إن أنواع الطاقة المستخدمة على الأرض هي في واقع الأمر طاقة شمسية محوله إلى طاقة كهربائية أو طاقة رياح أو سواها من أنواع الطاقة، مع ما يؤدي ذلك إلى تلوث البيئة ورفع درجات الحرارة على الأرض.. لذا فإن تقديم الساعة يعني توفير في عمليات التمويل والإفادة المباشرة من طاقة الشمس بدون تحويل، وبالتالي تخفيف التلوث والتخفيف من ارتفاع الحرارة.‏
فرانكلين الأمريكي وهو ممتطٍ جواده ومستخسرٌ الساعات الثلاث في النوم بعد طلوع الشمس لم يسمع حتما مثلنا الشعبي القائل: "كم فات رقّاد الضحى من غنايم" الذي غرسه الآباء في أذهاننا منذ نعومة أظفارنا حتى درجنا عليه، نَعُمَ وقت "شيبان قطر" رحمهم الله وأطال في عمر من بقي منهم،
كل ما في أمر التغيير المنشود في شتاء نرتجي تقديم نهاره عكسهم، أنه يجب أن يكون تغييرا محمودا لا تقليدا لأي نطاق، خصوصا وأن دولة قطر قد مرت بمثل هذه التجربة في تغيير أوقات المدارس من شتوي إلى صيفي والعكس في السبعينيات أوالثمانينيات من القرن الماضي.. مع أهمية تقدير قيمة العمل في البكور أيضا في الصيف بإمكانية تقديم وقت العمل الميداني للعمالة ساعة، تقليلا من نسبة ضربات الشمس أو الوفاة الناتجة عنها التي تحدث عند تعامد الشمس وتوسطها كبد السماء في عز لهيب القيظ والهجير.
وقت قطر وساعتها الزمنية تحتاج إلى إعادة تقدير، فلنغنم زماننا بالعمل والتمتع بنهاره، ما دام التوقيت ليس سياسة دولية بل محلية تخضع لأسباب كل قطر وتقدر بمنافعها وميزاتها ومكاسبها من جميع الأبعاد التنموية والمهنية والإنسانية،
نتمنى أن يعرض هذا الموضوع على طاولة مجلس الوزراء الموقر..