الخميس، 15 نوفمبر 2012

مؤسسة حمد.. صحة، تعليم، بحوث؟

 مداد القلم / الشرق
10 اكتوبر 2010

جلست أجنبية خلفنا تنتظر دورها ونحن ننتظر دورنا في العيادات المسائية في «حمد» في موعد أردناه أكثر من عاجل وقالت بنبرة غاضبة وهي تهز رجلها:
?What a crazy system ونحن نؤكد سلفا انه كما قالت حتى ولو كان للمجتهد في هذه الفكرة المسائية حسنة، خصوصا وانتم تعلمون أننا ندفع للدخول على الطبيب المسائي، الذي كنا نظن أن المبلغ الذي سندفعه حتى وإن كان رمزيا سيذلل لنا كل الصعوبات وكأنه مصباح علاء الدين السحري أو طاقة القدر، وسيغدق علينا الاهتمام والموعد العاجل وفقا لحالتنا بين طوابير المرضى الذين ينتظرون «كيو» مواعيد حمد غير المنتهية، وقوافل المنتظرين على أعتاب موعد ضروري أو مراجعة حاسمة صحيا، أو خلو سرير طبي في حمد أو الرميلة أو الطوارئ أو النساء والولادة، ناهيك عن الغرف أو حتى خلو غرف العمليات التي جلسنا أمام طابورها عجبا قبل ان يحين دورنا في العمليات، التي قد تخضع هي أيضا لا للجدولة المعروفة بل للترقيم مستقبلا؟!!.
سيناريو مواعيد الصباح يتكرر مساء، بفرق سلبي لنا هو أن أحدهما مجاني والآخر برسوم، "وكأنك يا بو زيد ما غزيت".
صحة.. تعليم.. بحوث تلك هي "محاور" شعار مؤسسة حمد الطبية الجديد الذي دشن يوم 4 يناير 2010
وأريد له أن يعكس روح المرحلة التي تعيشها قطر كما ورد في كلمة حفل التدشين معبرا عن ثلاثة:
"التراث القطري الثري، والإنجازات المتميزة، والتطلعات المستقبلية الطموحة".
إنها رموز جبارة.. رغم نقص قيمة عظيمة عنها غابت في ظروف غامضة هي ما يسمى (خدمة).. هي عين ما ينتظره جمهور المرضى الغفير..  بوصفها "الخطوات الجبارة" أشادت كلمة الحفل بما أنجزته المؤسسة فيما يتعلق بتحسين جودة الخدمات في العديد من قطاعاتها مثل خدمات الوقاية من الأمراض وتأهيل المرضى، وخدمات الطوارئ وخدمات العيادات الخارجية، وتكامل ودمج التعليم والبحوث في الممارسات الطبية والسريرية اليومية إلى جانب توظيف تكنولوجيا المعلومات لترقية وتطوير النظام الإلكتروني بالمؤسسة. لا نشك أن المؤسسة تسعى قدما نحو التطوير الذي يحتاج وقتا نقدره جميعا، وان الخدمات الصحية التي تقدمها بالتأكيد ستشهد خلال الفترة المقبلة تطورات ملحّة مثل افتتاح مستشفى القلب الذي تأخر تدشينه عن موعده ومستشفى الوكرة الذي تأخر كثيرا عن احتياجات قطاع جنوب قطر.ولكن هناك مرافق لم يفلح معها الترقيع، مثل خدمات الطوارئ التي ما زالت تعاني من الازدحام — غير الطبيعي وغير المحتمل — في هذا العمر من تطور ونماء دولة قطر المذهل، خصوصا ان خدمة عيادة المرور السريع "ووكنغ كلينك" التي افتتحت بجانب مبنى الطوارئ لم تسعف في تخفيف الضغط المتوقع له الزيادة عاما بعد عام. المؤسسة تسعى في استراتيجيتها بعيدة المدى لأن تكون الأولى في منطقة الشرق الأوسط ونتمنى ألا يذهب شعارها إلى مدلول مكنون الكلمة الأولى التي عناها في تحويل حمد إلى تراث قطري بعيدا عن الانجازات والتطلعات المستقبلية. خصوصا ان الإرث لم تتضح إلى الآن ثمرات نتاجه، وأنه كشف لنا انه تم تكليف شركة أمريكية بدراسة تطوير القطاع الصحي في الدولة بالتعاون مع الهيئة الوطنية للصحة سابقا، ووضعت أهدافا لكل مرحلة ووعودا للمرحلة الخمسية التي انتهت حتما وتحتاج لقياس، كما تم التعاقد سابقا مع جامعة بتسبرغ والتي تعتبر مركزاً عالمياً في مجالها لتطوير خدمات الطوارئ وتعزيز استيعابها للتوزيع الجغرافي والسكاني، كما ان نظام وقانون التأمين الصحي الذي سمعنا عن قرب صدوره منذ العهد السابق كان في طور وضع اللمسات الأخيرة والذي لم نعد نسمع عنه.
الخدمات الصحية في قطر التي لم يشملها شعار المؤسسة تعيش حالة مخاض خصوصا في المستشفى الرئيسي الوحيد لكل قطر، والبنية الطبية التحتية التي يراد على تواضعها ان تستقطب المرضى ومتدربي وايل كورنيل ومعاهد وكليات التمريض وغيره..، دعمٌ منتظرٌ يجب أن تقدمه إدارة المؤسسة للكادر الطبي والتمريضي "المهني الفني" وهو الأهم في مواردها البشرية، الذي بدا يعاني الأمرين وبدأ في التسرب رغم التفوق المهني الذي يشهده مستوى كثير من الأطباء من قطريين ومقيمين دون أن يوجد من يبحث عن الأسباب الكامنة في جعبة الإدارة،
دعمٌ مفترضٌ يجب ان توليه المؤسسة لا للبحوث الطبية والصحية فحسب بل للتخصصات النادرة أيضا التي لم تفلح السياسة الحالية في المحافظة على كوادرها فضلا عن زيادة اختصاصييها..
أما البحوث فلا بد أن تعمم فائدتها لتدرس واقع الأمراض المتزايدة والمتفشية في قطر والأمراض التي زاد معدلها مثل "السرطان" لبحث أسبابها وتثقيف الجماهير بها وقاية وعلاجا خصوصا وأن الوقاية محور رئيس في الطب يسمى "الطب الوقائي".
ان الوضع يشهد تحديا بالغا فالبلد نفطي وصناعي وتعداد السكان مؤخرا أشار إلى زيادة عددية ناهيك عن تدفق أعداد الزائرين والسياح والوفود الرسمية في كل المحافل لا سيما الكبيرة المتوقعة القادمة.
بعد "لكم القرار" مايو 2007، لم نشهد مناقشة إعلامية حية مباشرة لوضع الخدمات الصحية في قطر منذ استضافة رئيس هيئة الصحة سابقا. خصوصا إنه منذ 1 يوليو 2008 تغير وضع الصحة مرة أخرى من هيئة إلى وزارة ومجلس أعلى.
لعلنا كمواطنين لم ندرك الحيثيات والفروق الدقيقة بين مهام كل من الوزارة — المجلس أو مؤسسة حمد الطبية، ولكننا نعلم - أو ربما نجهل - أن المؤسسة وهي إما إدارة تنفيذية أو إدارة مسيِّرة — "بكسر الياء" — تندرج تحت وزارة — مجلس الصحة!!!
، فلمن نوجه سؤالنا وشكوانا في شأن الصحة و"حمد"؟ هل هما اثنان أم واحد؟
ما هي القناة الرئيسة والمفتوحة، هل لوزير الصحة؟ أم لمدير المؤسسة؟ أم نضيع بين هذا وذاك في لجان إدارية طبية مشتته في قرارات صحية تسمى "جماعية"ويضيع حقنا بين اللجان.. ونظل منصتا مثاليا لمن يقول وبجرأة مدركا مأساتنا ومن زيارة مسائية واحدة — وهو معفي من الرسوم — بتأمين لم يشملنا:  ?What a crazy system   
دون أن ننبس ببنت شفة حفظا لماء وجه قطر.. وعليه ندعو لكم القرار لفتح طاولة حوار جديدة علنا نفهم الوضع الصحي في قطر ونجد من يجيب عن تساؤلاتنا. خصوصا وان شعار "مؤسسة حمد" كما بدا في التدشين أنه:"يعكس هذه المرحلة المتطورة من عمر قطر..."وما علموا انه ربما تعثر في التراث الذي جسّده شعاره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق