الخميس، 15 نوفمبر 2012

أين الصحفي القطري في بلاط صاحبة الجلالة؟" (2-2)


مداد القلم/الشرق                
الأحد 7/3//2010

"لماذا يهربون منه أوليس الإعلام بلاطا؟ اوليست الصحافة  صاحبة جلالة؟
لا هي ليست كذلك في دولنا، عندما يخرج الإعلام لنا أعلاما عالمية أمثال بوب ودوارد علما بعد تفجيره لقضية ووتر غيت  مدعمة بالوثائق ، ودفعه ريتشارد نيكسون للاستقالة،
وعندما تصبح اوبرا وينفري ولاري كنغ اعلاما على برامج حيه حملت أسماءهم بعد ان مكنهم الإعلام من إمكانات حقوق شرائها،  وتتبعهم كريستيان أمان بور ليخط برنامج باسمها بعد ضلوعها كمراسلة محترفة  في السي ان ان ، فإن ذلك لم يأت من فراغ بل من الصلاحيات المعطاة للمهنة ذاتها وفقا لأهدافها.
لا نجد عندنا بلاطا ولا جلالة لمن نقش الحروف بالحقائق ، ويكاد الصحفي ان يمنع من ابواب الحقيقة، فأهلنا العرب يتحسسون من تقليد صحفي أو صحفية برنامج دائم إن نجحوا مهنيا، بل إن النجاح أحيانا جنوح بصاحبه إلى الهاوية في مؤسسات تملكها الحكومات أو تمولها أموال الدعم الحكومي ، فما بالكم بتسمية البرنامج باسم مذيع أو معد أو مقدم ،والحقيقة أنه لا يستحق عندنا لا برنامج ولا موقع ولا حتى شارع مغمور في فريج اسم صحفي لامع.
 هذه صورة من خارج الفرد لأسباب الهروب ، والهروب الآخر من البلاط أيضا سببه الفرد نفسه أحيانا خصوصا من اعتاد حياة الدعة والراحة ، من يريد اللقمة السائغة أن تصل إلى فمه دون جهد ، فإذا كنا نعتب على حكوماتنا عدم توفير ضمانات المهنة في بلد تملك الإعلام فيه وتموله، ولا يسعفه نظامه ولا سياسته ليخرج لنا بوب وودور أو اوبرا ثانية ، فإنه  يتوجب علينا أن نذكر أن ايا منهم لم يصل أعلى الهرم المهني إلا بما نقشته يداه أو ما نحته نحتا في مجاله فاوبرا، على سبيل المثال  بدأت حياتها مراسلة لإحدى  قنوات الراديو وهي في 19 من عمرها
 أي قبل أو أثناء الدراسة الجامعية يا شباب وهي من اب معدم وام فقيرة وعائلة منفصلة
واكملت تعليمها الجامعي من خلال منحة ،  ثم  عملت في برنامج تلفزيوني خاص بها لمدة 8 سنوات وهو people are talking وذاعت شهرتها مما جعل تلفزيون شيكاغو يوظفها لبرنامج  G .M. CHICAGO، وبدأت برنامجها الشهير "أوبرا وينفري شو" عام 86، وخلال السنة الأولى لعرضه جمع 125 مليون دولار، حصلت على 30 مليون دولار منهم مما دعاها إلى شراء البرنامج.
إن جزءا من الانسحاب الجلالي يقع على الصحفيين أنفسهم في وقت يجب فيه اقتحام الميدان بثقة وجرأة وشجاعة  ولكن الجزء الآخر أيضا يقع على الحكومات الممولة للإعلام ، إذ أن إعلامنا المحلي لا تملكه مؤسسات خاصة أو أفراد أو يدار على أساس ربحي فيما سبق إلا في قرار لاحق لم نستشعر ثمراته بعد على الإعلام الحكومي، إذا  فالمقارنة بين فقراء الإعلام القابعين تحت تمويل الحكومات وبين اوبرا  غير عادلة في اطارها العام ولكن هل يعطى من شابه وينفري الثقة والمجال والدعم للمعطيات السابقة؟ أعني في غير مجال الفيديو كليب رجاء يا عرب.. وممولين ... مجال غير ذلك الذي شوه وجه الإعلام العربي ونحى عنه الكثير.
ونسأل أين القطري من البلاط؟
سبحانه وتعالى أكد على ركيزتين أساسيتين في الحياة الإطعام من الجوع والأمن من الخوف،  وهذه ضمانات حياة  تجري على كل شيء فيها لتسير بانتظام، وهي ما لا يتحقق في ميدان الممارسة في الصحافة  خصوصا الورقية لدينا (القطاع الخاص) والحكومية (المرئي والمسموع).
فأول عامل طرد للصحفي هو أنه لم يأمن من خوف،
فثقافة الخوف تعتريه بل تلاحقه كشبح الظل ، الخوف من مساحة الحرية المتاحة له كصحفي مهما أشيع إطلاق هامشها ، هل يقدم أو يحجم ؟ هل سيتوج بطلا مهنيا في مجاله إذا تبنى التحقيقات واكتشفت تحقيقاته الاستقصائية وتحرياته للفساد العام أو الحكومي حقائق وتجليات رقابة سلطة ضعيفه على سلطات ثلاث ،  أم سيودع سجون الرأي الصورية حتما إما بالتهميش أو بالتحييد عن عمله ومهنته ، هذا إذا تمكن الصحفي من الأساس من الولوج إلى مصادر الخبر بوسائلها المشروعه حتما امام ابواب تغلق مصراعيها أمام الصحفيين الميدانيين ولا تريدهم إلا لتزكية صنيع الجهاز أو تلميع فلان وإظهار صورة الآخر. فلا ضمانات لحق الكلمة وحماية المصادر في صحافة تعشعش في بلاط الحكومات والواقع يعكس محاذير (التابوو) التي يجب ألا تمس ,وألا يخوضها قلم ، وهذه حتما ليست مهنة أو طموح من عشق الصحافة بمفهومها المهني وهدفها السامي.
  وفي كل ذلك بالتأكيد لا نطلق الأمور للصحفيين فقط على علاتها، بل  نعني بها حق الصحفي والصحافة المهنية الملتزمة بالأخلاقيات المعتمدة على المصادر والوثائق وليست الصحافة الصفراء (صحافة الباباراتزي والتشهير) ، حتى لا نحيي جدلية عقيمة بين المهنة والسفسطة .
وأين القطري من بلاط صاحبة الجلالة  وهو الذي لم يطعم فيها من جوع ؟
القطريون في قطر أقلية لم تتعد نسبتهم ال200 الف نسمة  ، ولو اختزلنا عدد الفئات العمرية غير العاملة من شيوخ ، وأطفال ونساء سنجد أن فئة الشباب – العاملة من الجنسين-  موزعة بين أعمال قطر التي اجتذب قطاع النفط والغاز الجل الكبير منها وما تبعه من اعمال إدارية مفضلة.
أي لم يتبق للإعلام سوى العدد القليل الذي لم يأتها لأنها مهنة "بريق دخل" أو مهنة "منصب او برستيج" ، ولكن من أقبل عليها بقلبه يدرك أنها مهنة لا تقبل إلا العاشقين لها ، والعاشقين قليل ، وكم في العشق من تنازلات؟
ولمن لم يعشق ممارسة مهنة المتاعب على أرض الواقع ، ما ضمانات التحبيب فيها وليس العشق في وقت انتفى فيه مفهوم الحب الأصيل حتى في الحب ذاته فما بالكم بالحياة الأساسية؟
  أحب الناس جميعا أو جبروا حتما على تأمين الضمانات الرئيسة في الحياة من (مسكن ، مأوى ، مطعم ) أساسيات الدخل ، وأساسيات تكوين الأسرة  وأمنها وأساسيات العيش الكريم فيها- وأكرر الكريم لا المرفه-  ، خصوصا من قبل جنس الشاب الذكور الذين يجب أن يلبي كل شاب منهم متطلبات بيت الزوجية فهو المسؤول عن الأسرة مستقبلا .
فما ضمانات أسياسات العيش الكريم للصحفي القطري كما للمهندس القطري او للإداري القطري أو حتى أسوة بغيره من إعلاميين دوليين في قطر أو من قطر مهما اختلفت المسميات؟
نسأل القوانين والضمانات التي قدمتها قطر للصحفي القطري كغيره من موظفين قطريين في أي مهنة أخرى  قبل أن نسأل القطري نفسه عن سبب هروبه من بلاط ذي جلالة وهمية!!

لا يقبل رجل منكم أيها الرجال الحصفاء أن تقل فرصته في الحياة وقبوله لدى المرأة زوجا إذا قلت فرصته في العمل والكسب الآمن الكريم، ولا يقبل رجل أن يرفض أمام أسرة لأنه صحفي في قطاع خاص  من بلاط صاحبة الجلالة الفقيرة على غير عادة وجاهة أصحاب الجلالة ، بينما يُقبل أخوه أو صديقه لأنه" بشمهندس" أو  "دكتور" أوموظف إداري في هيئة أو قطاع خاص.وهناك بون شاسع بين قطاع خاص وخاص في نفس الوطن ويا لها من مفارقة، فتقسوا الامتيازات المهنية في القطاع الخاص المعني بالصحافة المطبوعة على وجه الخصوص .
وأين القطريون من بلاط صاحبة الجلالة؟
يأتي عامل آخر طارد وهو شح الموازنات والإمكانات المعتمدة للإعلام على المستوى الحكومي وهي تعد عامل طرد غير مباشر، فيهرب القطري من محك تضعف بنيته الأساسية ، حتى لا يقارن عمل القطري بعمل غيره ممن تسخر له كافة الإمكانات في ذات الدولة ، فيجحف ليس الإعلام المحلي فقط بل ويجحف القطري الذي نذر نفسه منذ ان كانت الشاشة سوداء وبيضاء ومنذ ان كانت ملونه بدائيا ومرقمة ب 9 و11 إذا كنتم تذكرون؟ خبراء منها تم تحنيطهم أو تجميدهم أو بالعامية "ترميقهم" رغم الخبرة.
زرت مبني تلفزيون قطر أثناء قيامي ببحث إعلامي ميداني منذ فتره وآلمني كيف أن مدخل البوابة فيه تحول إلى أستوديو تراثي لبرنامج كان يبث الظهيرة في إحدى الدورات ، بوابة تتحول لأستوديو لشح المبنى وعجزه عن إمكانات التطوير ، زرت الإذاعة أيضا بل وسمعت صوت ابواب استوديوهاتها المهترئة وهي تزعج آذان المعدين والمذيعين وقتها بل و المستمعين ايضا؟ ، هذا في الإعلام المرئي المسموع المحلي فقط هذا  والدولي  في ذات الوطن  ينعم بالإمكانات والبنى التحتية الهائلة في برجوازية مهنية نحى فيها الخصم والحكم حق الوطن والمواطن في صورته وصورة إعلامه بل وصورة من يقدمه من قطريين صبغهم إعلامهم قسرا بمسمى "دقة قديمة".
 لم يقس أبدا إبداع من أبدع من قطريين في رحم تلك المعاناة ، ولم تقس ابدا  تحديات يواجهها ، لأن القطري فقط محاسب إذا فشلت الشاشة وقصر فيها أو انحرف مسار الأثير  الذي لا يتجاوز حدود بو سمرا تماما مثل حدود بناه التحتية وإمكاناته المخصصة له.
وأين القطريون من بلاط صاحبة الجلالة ؟؟
إذا أضفنا ضعف الأجور في القطاع الصحفي الخاص وفي مجال العمل الإعلامي الحكومي ليس مقارنة بالدولي في قطر فحسب بل حتى عن تكافؤها مع نوع وطبيعة وحجم العمل فيها،  أضف إلى ذلك عوامل الطرد الوظيفي المنظمة في الدولي منها، لتآمر وتصارع وجور بعض من نتحاور ونتجاور معهم في اعلامنا وعضل القطريين او تطفيشهم.
فهل أنصفتهم القوانين والسياسات والممارسات في الدولة أم أجحفتهم ؟
 ومن هم الذين يعود عليهم (م) ضمير جمع الذكور في السؤال السابق والخطاب اللغوي للجنسين ؟
إنها الأقلية السكانية في قطر ، والأقلية الوظيفية في مهنة الإعلام؟  لن أكرر اعتمادا على حصافتكم...
ما سبق هي أسباب رئيسة ، فمتى عولجت عولج ما دونها من تدريب أو تأهيل أو تخطيط أو استراتيجيات، فما موقف السلطات المختلفة من أختهم السلطة الرابعة في قطر
والقرآن يؤكد على أن يشد المرء عضده بأخيه؟
مجلس الوزراء  في عام  1997قد أقر حوافز للقطريين العالمين في المؤسسات الصحفيّة الخاصّة "القطاع الخاص" وذلك لتشجيع القطريين على خوض غمار مهنة المتاعب، وتحقيقا للأمن الوظيفي لهم فيما يتعلق بضمانات الحياة الرئيسة التي كفلتها الوظائف الأخرى من الانتفاع بالأرض والقرض وخلافه كما ينتفع غيره، علما بأنها تسهيلات طويلة الأجل في الدفع  لا منح  أو هبات حكومية ، ولكن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ، والضمانات لم تطبق.. ومرت السنون دون جدوى..
القضية عادت فاهتم بها رجالات قطر وأوصى مجلس الشورى في جلسته الأخيرة يونيو 2009 الحكومة بضرورة إعداد كوادر إعلامية وطنية ، واحتفى بها مجلس الوزراء  أيضا وأكد في  أكتوبر2009، على ضرورة دعم الكوادر القطرية وتدريبها للعمل في الصحافة المحلية والعمل على نشر الوعي بالعمل الصحفي ودوره المهم في مصلحة المجتمع،
بل وأضاف جانبا مهنيا في غاية الأهمية وهو ضرورة تواصل المسئولين في الجهات الحكومية  مع الصحفيين لنقل الخبر الصحيح.
إنها دعوة أيضا لفتح أبواب مصادر الخبر  امام الإعلاميين لتحقيق شفافية العمل الصحفي لممارسة دوره الحق  ولكن ما هي آلية التطبيق؟  وما الجهة المعنية بتنفيذ قرارات وتوصيات مجلس الوزراء الموقر؟
فهل ستعود سيدة القصر "الصحافة" لبلاطها وهل سيعطي الإعلام الجلالة والاستقلالية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق