الخميس، 15 نوفمبر 2012

دولة قطر.. هل ستصبح وجهة عالمية طبية؟

مداد القلم/الشرق
03 اكتوبر 2010

تناقلت وكالات الأنباء بتاريخ 23 يوليو 2010 خبرا مفاده  أن دراسة أجريت مؤخرا في لندن قامت بها الجمعية الملكية البريطانية أكدت على: "ان قطر من أهم اللاعبين الجدد في منطقة الخليج العربي، إذ أصبحت تعتمد على الاستثمار في البنية التحتية وتمويل الجامعات لديها، مشيرة إلى أن هناك احتمالا أن يسافر الناس مستقبلا إلى قطر لتلقي أفضل علاج طبي."

توقفت قليلا عند هذه الدراسة خصوصا في "ان قطر ستصبح وجهة عالمية طبية !!! "، بل  والأصح إنني توقفت كثيرا عند نتائجها خصوصا وصادف اننا كمراجعين ومرضى توقفنا كثيرا أمام طوابير حمد وأمام خلو سرير واحد في غرفة جماعية من غرف مستشفى حمد العام في دولة قطر،  ناهيك عن خلو غرفة خاصة من الغرف العامة،  أو حتى خلو غرفة خاصة من الغرف الفندقية التي سميت بجناح القمة بعد قمة المؤتمر الإسلامي وغيرها من القمم السياسية ، أملا في أن تعمم فائدتها على المرضى وتخفف عناء الانتظار في طابور طويل للحصول على غرفة حين ابتلاء المرء بمرض طارئ أو حين وضعه في طابور الانتظار في جدول العمليات المستعجلة التي لا يحد من  أهميتها وسرعة إقامتها الا تكدس البشرية في قطر في مستشفى حكومي واحد تظل مرافقه التحتية وأجهزته ومبناه عاجزة كل العجز عن تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان في قطر الذين شهد تطور مؤشر تعدادهم انفجارا سكانيا حادا في السنوات الأخيرة دون مراعاة توازي ذلك مع سائر مرافق البنية التحتية وأهمها (الخدمات الطبية والعلاجية) !!!
الدراسة التي أجرتها الجمعية الملكية البريطانية دراسة تبشر بمستقبل واعد لقطر يزيد من احتمالات وجهة السفر والسياحة لا المهنية ولا العملية بل الطبية أيضا الذي لن يزيد من دخل طيران القطرية التي تغذى أسطولها وتطوره وتعددت وجهاته ليطول مختلف دول العالم ويوازي الأعداد اللامتناهية للسياحة أو الترانزيت عبورا أو الهجرة أو العمل، بل أخال أن شبه الجزيرة النفطية اللامعة ستطمر يابستها تحت الماء يوما أو تحت اعداد مهولة من البشر ، خصوصا انه لا تواز ٍ يذكر بين كفاية الخدمات والمرافق لهذه الثورة السكانية العارمة .
الدراسة تبشر بالخير وترفع رؤوس القطريين في المحافل، ولكن ذلك لن يتعدى قطاف ثمرته محصول التقارير والسياحة والنقل الجوي لأنه سيشكل عبئا إضافيا لم تستعد له قطر بعد-  ولسنا مبالغين في ذلك -  لأننا رأينا بأم أعيننا كيف تأخرت وعود المدينة الطبية التي بنيت على قدم وساق - في جوار مستشفى حمد العام-  لتنجز قبل دورة الألعاب الآسيوية في ديسمبر 2006 لتنجح قطر في زمن قياسي في الرياضة واستضافة الحشود الرياضية  في تلك المدينة الواعدة التي بنيت على عجل وعجزت لاحقا عن أن تستوعب مدينة حمد الطبية الفنية الموعودة والتي يجب أن تنال شرف اسم حاملها قلبا وقالبا.
أما أن يطلق عليها "مدينة حمد الطبية " ثم لا توازي هذه المشافي رؤية وسياسة سمو حمد ، فهذا لعمري يؤخر قطر سنوات عن الركب الحضاري في مفارقة محلية ودولية لما تحقق من انجازات عالمية على صعيد السياسة والتنمية الدولية باسم قطر، خصوصا ان الصحة تقع في أولى اولويات الدول بل وقطر أولتها العناية الفائقة حين أعلن سموه وقف بئر نفطية خصص ريعها  لأهم أمرين وهما التعليم والصحة، فأين هي إنتاجية النفط وأين مخزونه عن تطوير الرعاية الصحية ومرافقها وبنيتها الحيوية في قطر؟
 لن نتحدث عن التوسع الأفقي المتعسر في قلب الدوحة بقدر التساؤل عن مدن مجاورة بداية قيل ستكون طبية فأضحت مهجورة سكنتها الرياضة وأشباحها سلفا ثم خلت بمشاكل بنيوية قيل إنها فشلت في تحقيق المعايير الطبية التي تهيئ انتقالها إلى غرف طبية أو علاجية !!
لسنا ندري كيف توزع مدخول النفط على الصحة؟ على الأقل ليكفّر النفط عن جزء من خطيئته في تزايد الحالات والأمراض المستعصية التي يلعب التسرب والغازات والانبعاثات النفطية والتلوث دورا كبيرا في زيادتها.
 ولن نشكو من عدم وجود علاج لبعض الأمراض المستعصية والصعبة والنادرة، فدولة قطر اجتهدت في وضع الحلول وطرح البدائل لها وحولت كثيرا من المرضى فيها إلى مشافيه المتخصصة حول العالم  في مبادرات تشكر عليها.
ولكننا نتحدث عن أساسيات الصحة العامة والعلاج التي تأخرت في دولة صغيرة جغرافيا ولكن كبيرة سكانيا ودبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا ورياضيا، تأخرت كثيرا في جعل مستشفى من الثمانينيات ليظل هو الصرح الطبي الوحيد الذي لا يجد فيه حتى مريض الطوارئ سريرا لتداويه في الطوارئ فيخرج إلى منزله متجرعا مرضه وسط مشادّات بين الأطباء والممرضين والإداريين والمرضى في حرب تصفية لا ذنب لهم فيها جميعا رغم  اجتهاد بعض المجتهدين في "حمد العام" في محاولات يائسة لمعالجة وتسوية مختلف مشاكل المرضى إلا أن البنية التحتية تخذلهم لأنها تقع ضمن أول العوائق.
الأمر الذي يجعله واجبا عاجلا لا نافلة أن يطول الشأن الصحي قبل غيره إصلاح وتطوير وتوسعة تخضع لتخطيط دقيق مسبق للرعاية الصحية والوقائية والعلاجية وطب الطوارئ والبحوث الطبية في دولة قطر لا مجرد خطط سكانية وتنموية وسياحية ومهنية طموحة نضاهي بها التقارير الدولية في بنية تحتية عاجزة عن تشخيص الداء لتضع يدها على أنجع الدواء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق