مداد القلم/الشرق
26 سبتمبر 2010
السيد الرئيس
"نؤمن بأن الحوار هو أنجع السبل لحل النزاعات"
لم تكن هذه الكلمات المدوية لسمو الأمير مجرد خطبة عصماء تصدح في أرجاء الأمم المتحدة، بل هي قول مقرون بالفعل لسياسة حكيمة بل قطرية رائدة في المنطقة اتخذت الحوار نهجا حكيما يسطره الفعل والعمل الدؤوب الذي جاء في: "ومن هذا المنطلق فقد بادرنا بالسعي لحل عدة أزمات سياسية في منطقتنا عبر تشجيع الحوار بين الأطراف المعنية، سواءً في لبنان أم اليمن أم القرن الإفريقي أم السودان".
وقد صدق... والتاريخ خير شاهد على عصر الحوار..
الحوار الذي لم يشق لسان المنطق تفوها بل قولا وفعلا
وشدد في ذات الوقت على نبذ خيارات الحرب، خصوصا أن مدعي تشريع الديمقراطية في العالم ينادون بالسلام وهم في مفارقة عجيبة في كواليس ودهاليز سياستهم مدمنو الحرب، ويلجأون أولا وقبل كل شيء للكي وهو آخر الدواء، خصوصا أن خيار الحرب لا يتناسب وخيارات الديمقراطية التي تتزعم آلة الحرب الهدف من قيامها، خصوصا أنها آلة حربية انتقائية وذات أجندة واضحة. لذلك جاء تأكيداً:
"في هذا العقد الأول واجهنا تحديات كبرى وعلينا أن نجعل الأجوبة اللازمة ليس للحرب ولكن للتصالح مع النفس ومع العصر ومع التقدم لجعل العقد الجديد وما بعده عقداً تحتاج التحديات الكبرى فيه إلى إجابات أكثر عمقاً وفهماً ودراية".
فإجابة التحديات لا تتأتى بأبشع صور القمع وانتهاك حقوق الإنسان في حروب غير عادلة، إنما يتأتى العمق والفهم والدراية مع الحوار إذ أن جلبة المعارك لا تخلق صوتاً بل تخنق الأصوات فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة وهذا ظلم ساحق.
لا تنبع ريادة الحوار التي نعني في ما ورد في خطاب سموه في افتتاح الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الـ 65 الأربعاء 23 سبتمبر الجاري فحسب، وإنما شهد الحوار بُعده العملي في موقف سمو الأمير النادر في ريادته شخصياً إدارة المائدة المستديرة الثالثة مع رئيس جمهورية ملاوي في إطار الاجتماع الرفيع المستوى الثلاثاء 21 سبتمبر لتشخيص عدد من القضايا المهمة في أهداف التنمية المستدامة الواردة في إعلان الأمم المتحدة عن الأهداف الإنمائية للألفية، الذي مثّل فيه خطابات متعددة من قادة العالم من ينوب عنهم وعن دولهم، ولم يكتف سموه بإدلاء الخطاب بل بإدارة دفته باقتدار وحنكة بالغة وتحويل تساؤلاته إلى أصحابها فهذا لعمري قمة الحوار الناجع لا حوار الطرشان الذي بدا من قبل البعض تأدية للواجب لا أكثر ولا أقل، خصوصا في موقف أجمع الكل فيه على وجود المصاعب في تحقيق أهداف الألفية، على الرغم من أن الأمم المتحدة تؤكد - في مفارقة - أنه من الممكن تحقيق الأهداف بحلول 2015.
فحاور رائد الحوار عن كثب لا من ردهات الأمم أو أروقتها أو مقر سكنه، وأوضح - وجها لوجه - في بيان آخر بأن الأزمة الاقتصادية العالمية كان لها أثر سلبي على جهود المجتمع الدولي في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية في الدول النامية. في سجل غير متوازن وصل عدد الذين يعانون من الفقر أكثر من مليار نسمة عام 2009".
وأكد مرة أخرى على ميادين عملية كرس فيها سموه جهوده فيها لتحقيق الأهداف الإنمائية المتفق عليها دوليا، التي تعتمد بشكل أساسي على جوهر الشراكة العالمية منها مؤتمر الدوحة عام 2008، مذكرا بمؤتمر مونتري.
أما عمق الحوار العالمي فهو دعوة سموه إلى نبذ الانزلاق التاريخي ومأزق سنوات عجاف عانى فيها العالم أو جزء منه على وجه الخصوص - وهو العالم الإسلامي - من ويلات حرب مسميات مصطنعة جائرة لا نهاية لها خلقت عدوا وهميا رديفا لأهداف ومصالح سمي "الإرهاب" ولا يعرف جنسه ولا لونه ولا صفته ولا شكله هي كما ذكر سموه "حرب اللامنطق.. واللاخلاق..واللاقانون"، ولكن توجهت أصابعه - وللأسف - إلى "دين واحد" في ظلم تاريخي حين انه لا ينعت العنف غير المبرر في أي وطن أو إقليم بأمريكيته أو أوروبيته أو آسيويته بل إلى كوامنه المتعددة.
وأكد سموه على العلاج الذي لا يتأتى بشن الحرب فهي آلة الدمار وفي وصف رائع لسموه أشار فيه إلى ما نلحظه حقيقة جلية:
"فقد حول العالم إلى مقاولات تجارية وعقود مالية وجيوش من المرتزقة تمارس القتل خارج أية شرعية دولية وإنسانية، وتنسف الأمن والسلام وحوار الثقافات التي تكرس الأمم المتحدة جهودها له.
وأخيراً، سيدي الرئيس:
"لدواعٍ نستطيع فهم بعضها ويغيب عنا فهم بعضها الآخر"
نحاور - بشفافية متناهية قولا وفعلا سلما وأمنا على طاولة دولية مستديرة وضعنا وناقشنا - نحن - قضاياها فوق طاولتها لا نغيّب أي حقيقة منها، وهذه أساسيات الحوار في مدارسه، لذلك يجب ألا يغيّب المحاورون - الآخرون - المنعوتون بأنهم تقدميون - فيها ما هو معلوم من السياسة بالضرورة وان جنح إخفاؤه لدواعٍ يجب فتح حوارها لقوم يعتقد عالميا أنهم أهل الحوار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق