مداد القلم/الشرق
الأحد 14 مارس 2010
تتعالى صيحات الأسر ألما:
"في بيتنا مدمن؟"، "في بيتنا مدخن؟" ، " أطفالنا انخرطوا في جماعات السويكة" تلك الأخيرة التي لم تتورع حتى عن أروقة المدارس .
،وتتزايد حالات "عقوق الأبناء لآبائهم"، "إهمال الآباء لأبنائهم" ، "غياب الوازع الديني والأخلاقي" ، "الانحرافات السلوكية للجنسين، "الجنسية المثلية في أوساط المراهقين والبالغين "، "استغلال الأطفال جنسيا في ظل إهمال الأسرة"، "تقليد المرأة المسؤولية الكاملة للأسرة وتنصل الرجل عنها" غياب الرجل عن مسرح التربية"في أسر تصيح "بابا فين"؟، أو "تنصل المرأة من مسؤولياتها الأسرية " ،
أين نحن كأفراد من مما يصيح منه المجتمع ويعانيه؟؟
المثل الشعبي يقول "ما حك جلدك مثل ظفرك"
ونحن هنا مجتمعات تغلب عليها الدعة والاستسلام وليعذرني البعض الكسل والتراخي ، قلما نقوم بدورنا الرئيس والأهم وهو الوظيفة الأساسية التي يقوم عليها المجتمع السليم ، بل إن معظمنا لا يستخدم أسباب الوقاية أو الملاحظة مقدما وللأسف ولكننا ننتظر الطبيب ليقف لنا على جرحنا الذي نحن اعلم به وبنخره أجسادنا قبل أن يكتشف طبيب استفحاله ، ننتظر مضادات حيوية أو أبر مهدئه او مشرط في عمليات جراحية أو بتر لمشكلات اجتماعية ، وللأسف ، شعوب اتكالية غالبا ما تنعي أسباب فشلها على غيرها وقلما تتخذ الأسباب بنفسها ، ننتظر الدولة فقط أن تؤسس مؤسسات اجتماعية متناسين أو مغيبين دور أول مؤسسة اجتماعية في البشرية وهي الأسرة الخلية الرئيسة ، وأثرها الكبير على تربية النشء وتقويم سلوك أفرادها.
ونسال ما أسباب استفحال المشكلات الاجتماعية وانفراط عقد النسيج الاجتماعي ؟
مهما كانت الأسباب الخارجية او الآثار السلبية للانفتاح على مجتمعنا ومهما كانت المؤثرات الخارجة عن إرادتنا ، فإننا أمام واقع استفحل ولا ننكره ، لقد تنصل الآباء عن دورهم الرئيس في الأسرة ، وانطلقوا في الحياة إما لأعمالهم او انشغالاتهم الأخرى أو لملذاتهم الخاصة في أنانية دون إدراك حق الكبود الرطبة التي يتعهدونها وهم رعاه فيها ومسؤولين عن رعيتهم فيها، خصوصا وهم يشكون اليوم استفحال المؤثرات السلبية التي يجب أن تزيد من دورهم التربوي في الأسرة لا العكس.
الوالدان يبحثون عن البدائل لتؤدي أدوارهم وللأسف ، ولن نلقي اللوم فقط على انشغال الأب أو الأم فى الأعمال الرسمية للفئة العاملة فحسب، فهناك فئات غير عاملة أيضا ولكنها مع فراغها جعلت أسرها آخر همها رغم تمتعها بالوقت الكامل لها.
الطرح عام والهم كبير وكل أسرة تؤثر تربيتها ومخرجاتها على الأخرى في حلقة مسترسلة لأنها نسيج.
تنصل كثير من المربين عن دورهم ، وأوجدوا الخدم بدائل والدية تربي على نمط جديد ولا بأس من أدوات تساعد الأسر في مهامها اليومية المتعددة، ولكن ليس التربية ، وليت الأسرة تشرف على الأبناء مع مساعدتهم لها ، بل على العكس تجد الأبناء يشربون ويلبسون وينامون على أيدي الخدم صغارا، أما المراهقون فبدا لهم عالمهم الخاص ولم يفلح الوالدان كلاهما في كثير من الأحيان حتى في تفقد رعيتهم قبل المدرسة ولا حتى بعد المدرسة ، اقلها فحص محتويات حقائبهما المدرسية أو حتى تفتيش جيوب الأبناء بعد عودتهم منها أو حتى من التجمعات الشبابية او بعد لقاء الأصدقاء والتي لا تأمنها حتى الأسر التي تتولي أقصى غايات التربية والمتابعة إذ أن جماعات الرفاق لها أثر كبير على التأثير على النشء بل وتقويض ما بنته الأسر خصوصا في انتشار العادات السيئة الآنفة الذكر.
هذا فضلا عن ضرورة عدم إعطاء الأبناء الثقة المطلقة في التجمع دون إشراف على من يقابل ، وأين، وكيف؟ وما يأتي به وما تحمله جيوبه ، أو ما يزكم به انف أهل البيت من تعاط أو تدخين يسهل اكتشافه لمن يلاحظ أو يتابع، وغيرها من المشكلات التي يشعر بها اقرب قريب إن أراد أو فتح عينه قليلا.
المثل الشعبي يقول : "حرص ولا تتكل" مقوله تعلمناها من آبائنا ، حتى تسلم التربية ويسلم الأبناء، وهي تعني أعط الثقة ولكن حرصهم ووصهم ، ولا تتكل كليا بل أشرف ووجه خصوصا بعد التحولات المجتمعية فقد كان الأبناء سابقا "يجلسون في مجالس أبائهم من الجنسين حتى وهم يتسامرون " أما اليوم فتنصلوا منها أو تنصل منهم والديهم وغدا لكل عالمه الخاص خصوصا العوالم الرقمية الانعزالية ، أو جماعات التسابق في الشوارع و الطرق، أو نزهات التسوق والسينيمات، وكان الأجدر أن يشرك الأبناء في مجالس الآباء لأنها معاهد ومنارات تربوية وأدبية خرجت أجيال وساهمت في خلق الأجيال المثقفة ، أو حتى الإشراف على تجمعهم في مجالس تعد خصيصا لهم على ناظري آبائهم ، ومتابعتهم حتى في زياراتهم المتبادلة للمنازل بتعهد الجلساء الصالحين وأخذ الدرس من حديث "الجليس الصالح والجليس السوء، حامل المسك ، ونافخ الكير".
قلت الجلسات العائلية الحميمة بين الأبناء ووالديهم ، فلا يحرص الكثير على الجلوس مع أبنائه أو توجيههم أو الاستماع لهمومهم ومشاكلهم التي يجد لها بدلا في اقرب غريب حسن أو ساء.
أنها مسؤولية الأسرة أو لا وأخيرا، قبل أن نطالب أي مؤسسة اجتماعية لعلاجها،
فبعض الآباء يهمل الأسرة ويتعامل معها كعلاقة المريض بالمستشفى، فلا يتم النظر في أي شأن إلا بعد الابتلاء بمصيبة في الأبناء كملاذ أخير عند عجز الأسر عن متابعة الحالة ، انطلاقا من أن آخر الدواء الكي، وأي كي ؟ كي بعد استفحال الداء .
آباء آخرون لا يهملون فحسب بل يقدمون قدوة سيئة قد يجدها الأبناء عندما يجاهر احد الوالدين بأي انحراف سلوكي أو معصية أمام أبنائه بل ويشركهم فيها ، أقلها التدخين ، وأكبرها ما لا يجدر بنا ذكره هنا. والأبناء في كثير من الأحيان يكونون أوعي من والديهم بل ويربونهم بدلا من أن يتربوا على يدهم.
ومع كل تلك المعاناة المجتمعية ، قلما تجد المؤسسات الاجتماعية تكاتفا مع رسالتها من قبل أفراد المجتمع الذين هم اللبنة الأولى التي وضعت لخدمتها،ولمعالجة المشاكل أو الظواهر التي قد تطرأ على النسيج الاجتماعي من حين إلى آخر.
إنها ليست مسؤولية المؤسسات ، إنها مسؤولية الأسرة أولا ، مسؤولية الوعي المجتمعي الذي يبدأ بنا نحن وأنتم، رجالا ونساء، آباء وأمهات، موظفين ، وربات بيوت، مثقفين وكتاب، وسائل الإعلام والدعوة والدعاة للتذكير لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
فلنتحرى نسيجنا كي لا ينفرط عقده وسط سيل المؤثرات الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق