الخميس، 15 نوفمبر 2012

نظام التعليم في قطر (3)

مداد القلم/الشرق              
الأحد 21/2/2010
نظام التعليم في قطر
ضياع الثقة والتوتر الأسري (3-3)

اذا كان القانون رقم (٢٥) لسنة ٢٠٠١م  جعل التعليم  في دولة قطر الزاميا ومجانيا ، فإنه مما يحمد لمبادرة تطوير التعليم في قطر أنها ضمنت أحقيته وإلزاميته  من خلال سعيها في هدف تمكين المستفيدين من اختيار البدائل  المتنوعة في التعليم العالمي المعايير ضمن نظام  أطلق عليه "كوبونات" التعليم ، ولكن هل وافقت "الكوبونات" الهدف الرئيس من إطلاقها ، وهل استفاد منها المعنيون بها ممن قصدهم قانون الإلزامية ، أم إنها خصصت لفئات دون أخرى،  وهل مهد مجلس التعليم في  قطر ولو تدريجيا لمراحل لاحقة لتعمم الاستفادة منها ، أم كان المجلس كمن وهبهم سمكة في عرض البحر؟

مع كل ما حبا الله بحر التعليم في قطر من خيرات فإن الشعب وقف متفرجا ومشتتا بين مدارس التعليم المستقل التي تنبذ بعضها أبناء جلدتها لاكتظاظها ، وبين المدارس الخاصة التي لا تستوعب بعضها القطريين لأسباب سيأتي ذكرها،أو إما اكتشف المجتهدون تجارة بعضها ، أو نظرا لارتفاع رسومها عن مستوى راتب الأغلبية الساحقة من أبناء قطر ممن لم يظلهم بدل تعليم أو كوبون؟

المبادرة مميزة وأهدافها كبيرة واجتهاد مجلس التعليم وإدارة الكوبونات والتعليم الخاص  ملموس ولكن مع غني البحر إلا إن الكثير منا  لا يزالون في لجته غرقى.
لماذا؟
وحتى لا نهاجم الجهود فإننا أولا نلوم أنفسنا في الجهل بالنظام وهذا الخطأ  يقع علينا كمواطنين  وليس على المجلس.
فهل يعرف المواطن معني الكوبون الذي اجتهد مجلس التعليم في تقديمه؟ وهل يعي حق كل طفل من أطفاله في الكوبون التعليمي إذا كان فعلا قد رسم لكل طفل في قطر حسب معطياته الدولية في الدول المطبقه؟
ف "الكوبونات التعليمية " هي القيمة التقديرية لتكلفة كل طالب في التعليم الإلزامي وهي التي تتراوح بين 18 ألف  الى 24 الف ريال قطري وفقا للمرحلة الدراسية . تلك التكلفة التي يجب أن تدفع لكل متعلم  تحقيقا لمبدأ إلزامية التعليم ،
أما كيف يتلقاها المتعلم فهي إما تصرف على الفرد في التعليم الحكومي ممثلا في المستقلة أو في غيرها من المدارس الدولية المتميزة التي استقدمتها المبادرة مشكورة،  أو بالإمكان أن تصرف قيمة التعليم على تكلفة الطالب في المدارس الخاصة والأهلية.  هذا هو الأصل في الكوبونات نظاما ،،
 ولكن .............هناك  لكن؟؟
 إن "الكوبونات " المذكورة لا تدفع لأي طالب،  ولا تدفع لأي مدرسة، كيف؟

 الكوبون لا يدفع عن أي طالب إلا في المدارس التي حققت اشتراطات المجلس الأعلى للتعليم  من تحقيق المعايير الدولية ضمن أنظمة التقييم الدولية المعتمدة، فلا بد من أن تحصل المدرسة على Accreditation  ، وهذا شرط جيد ولا بد من إدخاله تحقيقا لأعلى معايير التعلم في المدارس والتي سيعود نفعها على المتعلم ومستوى تعلميه في قطر تمهيدا للجودة في معايير قبوله  أيضا في الجامعات،  وخلقا لجو إيجابي ومحمود من التنافس فيما بين المدارس المختلفة في قطر الحكومية والخاصة للوصول لهذا الاعتماد ،
ولكن كم عدد المدارس التي حققت تلك المعايير في دولة قطر، والتي ينتظر منها أن تمكن ما يربو على المليون من الانتفاع بها في الدولة، بل والتنافس المحموم على مقاعدها لا من اجل الكوبون فحسب بل من اجل معاييرها الدولية ايضا ؟

المفارقة العجيبة أنه في قطر ومع دوراننا المضني حول المدارس  بحثا، لم تحقق من مدارسها القديمة الخاصة في الدولة الاعتماد الدولي سوى "أكاديمية قطر"،  ومن المدارس الجدد التي تخضع لنظام الحكومة حققت  ثلاث مدارس دوليه جديدة هذا المعيار وهي من المدار س المتميزة التي حرصت دولة قطر على استقطابها في النظام التعليمي العام في الدولة عبر مجلس التعليم مثل: مدرسة لندن الدولية  ومدرسة شيربورن في كافة مراحل التعليم ،ومدرسة ديبيكي الأمريكية المتخصصة للمهن الطبية في المرحلة الإعدادية والثانوية ، وفولتير ،ى هذا ونأمل أن نكون مخطئين في العدد وان يكون لدى المجلس المزيد ليخطرنا به لنهرول إليه.
. علما بأن مبادرة تطوير التعليم في المستقلات تخضع لذات المعايير التي يحرص المجلس حثيثا على تطبيقها فيها وان خان التنفيذ بعض مساراتها نظرا لعامل الوقت والسرعة وآنية التنفيذ التي تطرقت لهما في مقالاتي السابقة.
نشيد بجهود مجلس التعليم وإدارة المدارس الأهلية فيه على ابتغاء المعايير الدولية للتعليم العام ،  بل أضف إلى ذلك سعي المجلس مشكورا إلى فرض مناهج اللغة العربية والشريعة والدراسات الاجتماعية على المدارس الدولية المتميزة  كجزء من معايير اعتمادها ، أي إن معايير الاعتماد لدى مجلس التعليم لم تكن لترفع فقط مستوى التعليم ليحقق جودة التعليم العالمي دون أن تضاف له معايير الدولة واللغة والدين وتطويع الدولية منها للهوية الوطنية فيها ، بل وفتح باب التسجيل فيها للطلاب القطريين وغيرهم.

لكن..... هناك لكن أخرى ؟؟
 كم فردا منكم-   أيها القطريين-  وقف على باب التسجيل في هذه المدارس لينتظر في طابور دوره في التسجيل دون جدوى، هذا وهو قد مر ورفض في طابور غيره أمام المستقلات لاكتفاء العدد فيها وهو يظن أن  لجوءه ل"ماله الحر" كحل بديل سيخدمه في إيجاد مقعد عاجل لطفله ، ليجد نفسه في طوابير متتالية وهكذا دواليك...

إلى أن يسلم نفسه وأبناءه في عجب أمام خيار الفرار من هذه وتلك إلى غيرها من المدارس الخاصة وبعضها حسن ومعاييرها جيدة ولكنها لم تحقق الاعتماد ،  وبعضها الآخر تجاري بحت  في سوق طغت عليه الربحية قبل المهنية والتنافس المحموم اليوم في زيادة كل مدرسة خاصة رسومها ، والذي غدا موضة العصر حتى لو كان القانون في المدارس الأهلية لا يسمح إلا بنسب محددة  في الزيادة من عام إلى عام، ولكنها تؤخذ بأشكال أخرى وكأنها "الجباية"، إن لم ترتفع في الرسم الرئيس ففي الكتب أو تغيير المدارس لمسمياتها وإصدار تراخيص جديدة أو غيرها من الطرق تحايلا ، وهذا ما يجب التنبه له من قبل إدارة المدارس الخاصة؟
المواطن القطري الذي يعتمد على جيبه الخاص في الدفع – وهم الأغلبية الساحقة- عليهم أن يقفوا في طابور انتظار قد تطول مدته إلى عامين لكل يسجل أبنائه في مدارس النخب ،لا من أجل امتحان قبول فيستحيل أن يرفض حتى الطفل ذي الأربع سنوات "تمهيديا" بسبب امتحان القبول ، ولكن الطابور يطول لأن بعض المدارس التي حققت المعيار  لم تعد للقطري المواطن الحكومي البسيط ،
فهي إما لغير القطريين ممن كفلت لهم المؤسسات الخاصة والهيئات بدل التعليم في رواتبهم، او لمن قدمتهم المؤسسات على غيرهم بصفتهم عاملين فيها،  أو لأبناء الذوات أو المناصب والتجار ، أو لذوي الواسطات، هذه هي الفئات المستفيدة .
وأين يذهب الطالب القطري البسيط ؟ وأين يذهب به أهله؟
لله دره...... ودر آبائه وهم يرددون :  "أحشفاَ وسوء كيله"
لم ينصف  الطلاب ولم ينصف إباؤهم في ضمان  بدل للتعليم في اميتازات الأجر في عملهم لا تمييزا على غيرهم،  بل حتى  أسوة بغيرهم من المنتفعين  في قطر لتتحول قطر إلى "عذاري".
في الآونة الأخيرة  ونقولها بأسف، تحول المجتمع القطري الى طبقية حتى في التعليم وفرصه وهذا يخالف هدف المبادرة التي رصدت من أجلها،  وغالبية طلاب الأكاديميات الدولية هم "ابناء غير القطريين  وأبناء الذوات والواسطة والمناصب" وهم أيضا من يخرج منها ليعود إليها خصوصا وإنها تخرج لجامعاتها ، هذا ومجالس الإدارات في هذه المدارس وفي الجامعات "منهم وإليهم"  .
ولكن حدث كثيرا أنك –أيها القطري-  إذا أردت مقعدا لأبنك فما عليك إلا ان توسط أقرب واسطة غير قطرية لديك فيها؟؟
و في ذلك لا نعني جميع الملتحقين في المدارس أو الجامعات – إذ ان التعميم على كل الحالات غير وارد ، ولكنه أغلب الحال.
وفي ذلك لسنا ضد انتفاع إخواننا غير القطريين – أو الفئات القطرية المذكورة آنفا-  من التعليم العالمي المعايير في الدولة فهذا حق لهم مثلما هو حق لنا أيضا لأننا مع قانون الزامية التعليم للجميع ومبدأ تكافؤ الفرص للجميع ، ولكننا ننشد العدالة ، العدالة مع أبناء الوطن أيها الوطن.
 القطري البسيط  مطارد  ومقتحم في تعليمه ، ليس له حق  في أفضل بديل حتى لو صرف من جيبه ؟
إذا أين البدائل المتاحة للطالب يا مجلس التعليم وما دوركم في  توفير "مقعد"  قبل الكوبون وان كان لاجتهادكم حسنة ؟
فلماذا لا تلزم كل المدارس الأهلية و الخاصة الأخرى على تحقيق المعايير رغم مرور السنوات على إنشائها ؟ يجب أن تعطي موعدا نهائيا للاعتماد أو تغلق؟
إذ،  لماذا يرفض أو يؤجل الدفع لها عن طريق "الكوبون" من قبل المجلس، ويترك لها ترخيصها بل ويسمح لها بزيادة رسومها وهي لم تحقق المعايير والاعتماد لتنتفع من جيب المواطن الفقير إلى الله ؟ أم إن المواطن ماله الخاص مستباح؟ أوكما قال المثل "مال عمك ما  يهمك" وليته المال فحسب ، بل مخرجات أفراد  تؤثر على مستقبل جيل وأمه.
 أم إن المدارس الخاصة الأخرى  تقاعست وتأخرت عن تحقيق المعايير والاعتماد لأنها وسط جعجعة العملية التعليمية في مستقلات قطر وثقت من تحقيق العائد المادي عندما خضع المواطنون لها عنوة لأنهم هربوا بأبنائهم مكرهين بعد أن ضاقت بهم السبل وضاعت ثقتهم في كثير من المستقلات التي جاورتهم عندما أدخلوا ابناءهم حيز التنفيذ فيها ، أو جارت غيرها عليهم  واغلقت أبوابها أمامهم ربما لا طردا متعمدا بل قسريا لاكتظاظ المدرسة الواحدة بما يزيد على 800 طالب ، وابحثوا يا مجلس التعليم  بين الدوحة وضواحيها عدد طلاب مدارسكم؟ ، فهل يعقل أن تتحمل مدرسة ومرفقاتها 600 لتتحمل 800 طالب؟؟       حصل في قطر..
من المستفيد إذا من الكوبونات يا مجلس التعليم ؟ إذا سلما بمبدأ الزامية التعليم، ومبدأ تكافؤ الفرص ومبدأ التنوع وهي المبادىء الأساسية التي قامت عليها مبادرة تطوير التعليم في قطر حتى في اختيار المواطن والمقيم بين مدارس التعليم المستقل؟ وهل ترك مجال لاختيار ؟؟ ابدا ... مكره أخالك لا بطل .. حكومي أو خاص، مجاني أو من جيب المواطن.
وأخيرا،،،
إن توفير "الكوبون" بأهدافه المتميزة في المبادرة ،  مطلب شعبي  يفترض ان يحقق الهدف منه خصوصا وانه من احدث الأنظمة في التعليم والذي نشعر أن تطبيقه في دولة صغيره نسبيا مثل دولة قطر يعد ارضا خصبة لنجاحه إذا أحسن تطبيق سياسته خصوصا إذا شملت أحقيته وبركته غير المنتفعين ببدل التعليم في دولة قطر ، وجل القطريين كذلك وفقا لقانون للموارد البشرية، فهل ضمنت "الكوبونات" هذه الفئة الأجدر احتوائها في قطر- وهم جل موظفي الحكومة.
إن استجداء مقعد على باب المستقلات  والأكاديميات أو المدارس الدولية المحققة للمعايير اصبح هاجسا للقطري، وهو يردد :
                 أحرام على بلابله الدوح       حلال للطير من كل جنس
                    "ولله يا محسنين" اعني "يا قانونين ويا عادلين "
         مبدأ تكافؤ الفرص للجميع عملا بالقانون رقم (٢٥) لسنة ٢٠٠١م 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق