الخميس، 15 نوفمبر 2012

"أين الصحفي القطري في بلاط صاحبة الجلالة؟" (1-2)

مداد القلم/الشرق                  
الأحد 28/2/2010


نعم أين هو ؟   بدون مقدمات القضية تحتاج إلى وقفة... طرح.... مداولة..... مناقشة.... معالجة، إنها قضية رأي عام  .
 ألم يجنح لها شورى قطر في جلساته الأخيرة في الدورة المنصرمة ، ألم يتداولها مجلس الوزراء الموقر في جلسته في أكتوبر 2009. ألم تصدر توصيات تنادي بمعالجتها؟ أين هي تلك التوصيات؟ ومن المسؤول عن البحث فيها وتطبيقها؟

الزميل والأستاذ الفاضل سمير البرغوثي، مدير محليات الوطن، أثار هذه القضية في تحقيق له نشره يوم الاثنين الماضي في الوطن بعد النقاش الذي حمي وطيسه بمناسبة تدشين مركز الدوحة لحرية الإعلام لدراسة تحليلية رصدية حول قانون المطبوعات والنشر القطري والتي جمعت رؤى وفكر ومقترحات وتوصيات كتاب وصحفيين وقانونيين ومسؤولين حوله طيلة ال 11 سنة الماضية من عمر قطر منذ حل وزارة الإعلام عام 1998  إلى 2009 .
وقد استعرت عنوانه أدبيا  وأوردته عنوانا لمقالي اليوم ووضعته بين علامتي تنصيص تفاعلا معه حول سؤال فجّره الدكتور مرزوق بشير رئيس تحرير جريدة الـ «جلف تايمز» ووصفه زميلنا بالقنبلة في القاعة الهادئة: أين الصحفي القطري؟ فهل الصحفي من كتب مجرد مقال؟
وأشار إلى الحاضرين المتعددي الجنسيات من أعلامين وهو يعاود السؤال : أين هو  الصحفي القطري في مهنة المتاعب، ومن هو الصحفي على وجه العموم ؟وهذا سؤال أعمق وأبلغ أهمية؟
 ووصف زميلنا رد الفعل :
"نظر الصف الأول الذي يضم إعلاميين ومسؤولين إعلاميين قطريين إلى الخلف حيث يجلس الصحفيون وجلهم من غير القطريين، وفتح باب النقاش فالصحفي القطري فعلا غائب فقد كانت القاعة تعج بالصحفيين غير القطريين اما القطريون الموجودون فمعظمهم كتاب وكاتبات زوايا أو أعمدة رأي  او رئيس تحرير او مسؤول أوموظف في ادارة المطبوعات او العلاقات العامة؟"

"الزميلة والإعلامية العربية اللامعة والقديرة خديجة بن قنة أدارت حوار ندوة مركز الدوحة  وأعطت الكلمة لأستاذ إعلام في جامعة قطر الذي قال: نعم الصحافة مهنة غير مرغوبة للإعلامي القطري، ففي قسم الإعلام وحين طلبنا التعرف على رغبات الطلبة كانت الرغبة الوحيدة التي اختارتها الطالبات هي «العلاقات العامة» ولا يوجد طلبة قطريون في تخصص الصحافة.ثم أعطت الكلمة لعميد نورث ويسترن قطر فقال: إن 65% من طلبة الإعلام بالكلية من غير القطريين، والقطريون الموجودون في الكلية يفضلون العلاقات العامة.
الجواب كما قال زميلنا كان مؤلما: "لا يوجد قطريون يرغبون بالعمل في مهنة المتاعب بل مهنة الفقراء فموظف علاقات عامة في مؤسسة نفطية مثلا يتقاضى ثلاثة أضعاف راتب الصحفي.. وموظف علاقات عامة في الحكومة يحظى بامتيازات لا تتوافر له في القطاع الصحفي الخاص."

ذلك هو المشهد ... تماما كما وصف الزميل ، ليس لأن القطري لا وجود له في المشهد الإعلامي على الإطلاق، فهناك أعلام وخبرات من الرعيل الأول ومن جيل الشباب أيضا الذين تدرجوا في كل مهن الصحافة وسعوا وراء الخبر في كل بقعة منطلقين من وظيفة محرر، حتى تقلدوا رئاستها باقتدار أو ممن عملوا بها ولا زالوا ،  ومع ذلك فهم قلة ميدانية قليلة.
 ولكن ما صفة هذا الإعلامي القطري في المشهد الإعلامي (حقل الممارسة)  للميدان على وجه العموم مقارنة بحجم الطلب وحجم المتخرجين من الكليات الإعلامية؟؟  والمثل يقول:"الميدان يا حميدان" ، "وحميدان" يعدون على الأصابع .
 زملائي القطريين والعرب (صحفيي الميدان) أثاروا سؤالا وهم صادقون، هل كل من نقش حرفا في الجريدة يعد إعلاميا ليسجل تحت اسمه شرفا ليس له، وميدانا ليس من أهله، ولتحتدم مائدة النقاش بين من يشقى في متاهات ودهاليز الميدان ويقارن بينه وبين غيره ليشعر بالظلم وهو يتجرع مرارة غياب تعريف الصحفي الحق ، الذي إلى اليوم لم تتطرق له معاهدة دولية شاملة جامعة؟ ولم تحفظه قوانين محليه معاصرة؟ ولم تجزِ عليه – في الأجر وامتيازاته وبدلاته- مؤسسات صحفية الجزاء الأوفى؟
هل يقارن من يرسل مقالا من بريده الإلكتروني بغيره ممن يهرولون من موقع إلى أخر ومن وزارة إلى أخرى ومن مؤتمر إلى آخر في دوحة الطرق العسرة ليولد لهم في آخر النهار خبرا أو تحقيقا صحفيا يضيف فكرا أو يوقد رأيا أو يعالج قضية. "والشقاء لمن يتعامل مع الكلمة والإعلام والنشر والوقت النهائي، لأنها حقا ولادة عسرة"،  واسمحوا لي أن أسوق على ذلك مثالا- لأخ فاضل هو الزميل – صالح غريب – الذي يرأس القسم الثقافي في الشرق ، ويكتب مقالته بانتظام ويتعاون مع وطنه الحبيب صباح الخير في إذاعة قطر ويجري بين طرق قطر ليقدم لنا تقارير  فيما سبق حول الحوادث وزحمة الطرق  ليسمي فقرة "رادار وطني الحبيب"، ويهرول صباح كل يوم إلى سوق السمك ليرصد لنا سعر السمك يوميا وآثار الأحوال الجوية أو الإجازات على الأسعار  في فقرة "اليزاف" التي تتباعها قطر يوميا للطفرة الواقعة في غلاء سعر الأسماك وأهميته غذاء رئيسا لأهل البحر.
 وهذا مثال من أمثاله من أخواننا الصحفيين الميدانيين من عرب وعدد من القطريين أيضا ممن يشقون عناءهم في صمت وباحتراف.
هل يعقل أن نقارن هؤلاء بغيرهم ممن يجلسون على أرائك مكاتبهم حتى لو نقشوا حروفا وكلمات ؟    "تلك إذا قسمة ضيزى"
الشجن العميق أن هؤلاء الميدانيين مغبونون في الأجر ، والامتيازات الوظيفية ، بل وغيرها من التقدير الوظيفي للمهنة وممتهنيها خصوصا وان البعض- كما ذكر أحد الزملاء في الندوة-  يعامل الكثير من الإعلاميين الميدانيين "خصوصا الصحفيين في المطبوع  معاملة _ واسمحوا لي _ الرعاع . " وكرم الله كل صحفي عن هذا الوصف"
زميلنا أثار لنا شجونا قد لا يسعها مقال واحد ، ولكنه أعادنا إلى زمن الخلطة السحرية والسرية الجميلة أيضا عندما ذكرنا بزملاء في المهنة ممن خبروا المهنة عن قرب وأشبعوها تدرجا وتقلدوا زمامها باحتراف ، وعندما ذكر تجاور الزملاء العرب مع إخوانهم القطريين في تفاعل حي وتبادل خبرات وتعاون لمسناه جنبا إلى جنب، رؤساء التحرير القطريين مع فريقهم يدا واحده بهمّ واحد، الرئيس يشكل فريق عمل مع ميدانييه من صحفيين، ويتصل مباشرة حتى بالكتاب ليتفهموا وجهة نظره عندما يحذف مقالا أو سطرا أو حتى كلمة من مقال. والكاتب أيضا يتفهم رئيسه ويقدر قراراته.
شجون الإعلام الذي كان رئيس التحرير فيه يشد ويختبر ويضغط على الشخص حتى يبليه بلاء  حسنا وبالعامية "يعصره" عصرا حتى يخرج  منه صحفيا أو يخرج الهاوي من "منبر القراء" إلى أن يطلق له عمودا صحفيا كمحترف. كان رئيس التحرير لا يتساهل ابدا في وضع أي مقال أو خبر أو تحقيق لمجرد ملء الفراغ، ومن ثم لا يسمح الرئيس بعمود إلا بتحقيق اشتراطين : الضلوع في كتابة العمود الصحفي "قضية الطرح" ، والاستمرارية وهي صنو العمل الصحفي الاحترافي.
زميلنا أثار شجوننا  لحقوق اعتبارية وأدبية أيضا  لزملاء عرب أيضا أحببنا ولا زلنا نحب عملهم ونكبر ونقدر صنيعهم في وقت شح وتقشف القطريين في المهنة ، وازدحام قطر بالمؤتمرات والأحداث والمناسبات، وحب إخواننا وإخلاصهم لمهنة المتاعب، وسعيهم بين عتبة وغيرها من أقصى شمال قطر لتغطية إنتاج قطاع النفط والغاز لأقصى جنوبها لتغطية تصديره، بل وبطائرة هليكوبتر إلى حالول وما تاخمها،  ويعود لا لينتهي بل ليبدأ أصعب صنعة بعد جمع المعلومات ، ليجتر الكلمات وينقح ما يروي الخبر بمهنية في الموعد النهائي للتحرير.
 (وهذا مثال واحد فقط لمن أراد أن يعرف شقاء المهنة)
نسأل أنفسنا ،أين القطريون من بلاط صاحبة الجلالة، وهل مهنة المتاعب هي مهنة الفقراء فقط؟ أم الأشقياء أم المعذبون في الأرض؟  ما وضع القطريين وغيرهم فيها اليوم خصوصا "الصحافة المطبوعة" ؟ وما موقف الحكومة القطرية من ذلك وماذا وفرت لهم فيها على مستوى الإعلام المحلي والقطاع الخاص أسوة بالإعلام الدولي فيها ؟ ولماذا لا تتبنى  الصحفيين القطريين وتمنحهم امتيازات تشجعهم للالتحاق بالعمل الإعلامي الميداني كتلك الممنوحة للقطري في كافة الوظائف؟
اسئلة مشروعة
 ، ولله هم الكلمة وكتابتها وتحريرها وطرحها ونشرها لمن خبر التعامل معها، كم تشقينا وتشقيهم ولكن....
يتبع الأسبوع القادم ...............

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق