مداد القلم/ الشرق
14 نوفمبر 2010
بعض وسائل الإعلام الأمريكية نشرت خبرا عن ساعة مكة بأنه "إنذار سياسي برغبة المسلمين في الهيمنة على العالم والسيطرة على الكون لأن تدشينها شكل خطورة تطبيق عملي لدعوة استبدال توقيت مكة بتوقيت جرينتش"، حيث إنها تقوم بتحديد اتجاه القبلة من أي مكان في العالم.
العلماء اشبعوا أهمية موقع ووقت مكة بحثا فالدكتور العالم زغلول النجار أوضح أن مكة المكرمة تتوسط اليابسة، واستشهد على ذلك بما توصل إليه الأستاذ الدكتور حسين كمال الدين في أثناء تحديده لاتجاهات القبلة من المدن الرئيسية في العالم، فلاحظ تمركز مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات السبع التي تكون اليابسة. وان الأماكن التي تشترك مع مكة المكرمة في نفس خط الطول ينطبق فيها الشمال المغناطيسي (الذي تحدده الإبرة الممغنطة في البوصلة) مع الشمال الحقيقي الذي يحدده النجم القطبي.
وهذا يعني أنه "لا يوجد أي قدر من الانحراف المغناطيسي على خط طول مكة المكرمة، بينما يوجد عند جميع خطوط الطول الأخرى بما فيها خط جرينتش؛ حيث يبلغ مقدار الانحراف المغناطيسي عند خط جرينتش 5.8 درجة إلى الغرب".
وقديما في ظل سياق السطوة، لم يتردد العالم في استخدام توقيت جرينتش بل أفاد الكثير من العلماء سلفا بأن "الإنجليز فرضوا خط جرينتش كمعيار للتوقيت على العالم بالقوة أثناء الهيمنة الاستعمارية البريطانية التي زال ظلها وبقيت آثارها".
واليوم، لسنا في حروب سياسية ولا إعلامية أو جيوسياسية ولكن إذا كانت الأبحاث العلمية التي يؤمن بها العالم المتقدم أكثر من العقائد نفسها قد أثبتت دقة النظرية القائلة بأن مكة المكرمة هي مركز الكرة الأرضية وأهمية اعتماد توقيتها توقيتا رئيسا أيضا، فلماذا لا يتم التعامل الدولي بها أيضا أسوة بجرينتش ومتزامنا في كل الاستخدامات مع جرينتش بالإشارة إليها بمسماها "بتوقيت مكة المكرمة" ورموزه كما يستخدم توقيت جرينتش ورموزه " دون إدخال التأويل الديني في السلطة والسيطرة السياسية.
قد يرفض الغرب هذا الأمر لأسباب دينية أو "فوبيا دينية" أو لأن التوقيت الخاص بخط جرينتش تم استخدامه منذ أكثر من مائة عام في الغرب، ولكن لا بد من أن تعتمد الإشارة له رسميا في إعلامها مثل تقدير واعتماد توقيت التاريخ الهجري.
ولا ينسى في هذا المقام تقديم الشكر لشبكة الجزيرة فكان انطلاق الجزيرة بتوقيتين سابقة إعلامية دولية من نوعها في احترام نطاق يعد مركزا يضاهي نسبة التوقيت إلى دولة أو قطر بعينه حتى لو اتخذت أراضي القطر أو الدولة مقرا لشبكاتها أو قنواتها سواء بثت من دولة قطر أو غيرها من الدول العربية أو الإسلامية، هذا إضافة إلى احترامها — وهي الشبكة الدولية — مدار توقيت جرينتش المار بلندن والمتعارف عليه دوليا منذ أكثر من مائة عام،، فالإعلام الدولي ليس لسان دولة بل هو ذو منطلقات جغرافية وجيوسياسية وكونية أيضا.
لذلك تبقى مكة مركزا كونيا فهي القلب الذي تشرئب له اليوم قلوب الحجيج وقلوب كافة المسلمين في كل مناحي الأرض على مدار العام لمكانتها الدينية والتاريخية الفريدة وارتباطها بالعبادة الرئيسة.
بل وان نفرة الحجيج وموسم الحج يعد الحدث الأضخم عالميا في الأنباء الدولية سنويا في هذا التوقيت ف"الحج أشهر معلومات" وتوقيت مكة قائم بذاته طوال العام كوجود تاريخي دون أن يفرض أهميته أو ضرورة طرحه الوجود المعماري لمجرد ساعة ضخمة الهندسة والطراز الفني على ثاني أعلى برج في العالم وما تبع ذلك من تأويلات سياسية دينية.
ساعة مكة التي تضاهي ساعة بيغ بن وتوقيتها الذي يضاهي توقيت جرينتش في الحقائق العلمية، منذ تدشين تلك الساعة لم نكن لنتصور - نحن المسلمين - أن يساق توقيت مسارا سياسيا بأن يؤول توقيت مكة وساعاتها العالمية الضخمة تأويلا سلطويا للسطوة التاريخية والسياسية والكونية أيضا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق