مداد القلم/ الشرق
الأحد 7/2/2010
لا تكاد تجلس في مكان إلا وتجد المجتمع القطري ينعي على ما آل إليه التعليم ويندب حظه العاثر بضياع البوصلة عن أهدافها.
والتذمر بالتأكيد له أسبابه خصوصا وان المجتمع قد غص بنظام أهم مكونات الشخصية البشرية ألا وهو التعليم ،خصوصا وانه مس التعليم الإلزامي.
وحتى لا نحكم على كل التجربة بالضياع تعميما ، لا شك بان مبادرة تطوير التعليم في قطر مبادرة محمودة حولت المعايير من النظري الصرف إلى المعايير التطبيقية العملية العالمية التي تستخدم مهارات التفكير والتحليل المنطقي التي طالما نشدناها في تعلمينا يوم أن كانت تتعامل مع الطالب وفق التعليم القديم وكأنه مجرد حفظة لكتب مرصوصة على الأرفف لا تلبث أن تغبر ويعفى عليها الزمن،
ولكن مرت تسع سنوات منها السمان ومنها العجاف أيضا، حملت فيه الأسر القطرية وزر تبعاتها لنظام التعليم القائم حاليا المسمى (بالإصلاح) ، وسرعة الإرادة التطبيقية له.
فانبرت الأقلام وانهالت الشكاوى على مجلس التعليم كونه المحضن الرئيس" لتعليم لمرحلة جديدة" واتسع صدر المجلس ولكن للسماع دون أن يكون لرأي الأهالي أي حجة في التغيير أو التطوير كون القرارات المتخذة يوميا مسلمات لا تقبل المناقشة اللهم الا من باب مشاركة بث الرأي الديمقراطي فقط خصوصا وإن مجالس الأمناء باتت شكلية ومواطن الالتقاء الفكري التربوي الشعبي باتت ضعيفة إلا في منتديات إلكترونية قد لا يلقى لها بالا.
وأي مرحلة من التطوير؟؟
مرحلة هرب فيها القطريون بأبنائهم في قطر وهم أقلية على أرضهم إلى المدارس الخاصة خوفا وهلعا من تخبط إدارات المدارس الجديدة في تطبيق المعايير الدولية لحداثتها ، وما يشهدونه من عدم تهيئة الأرضية الصلبة للمعلمين والمتعلمين قبل تعميمها بشكل متكامل، عدم إعداد البنية التحتية لها تخطيطا استراتيجيا قبل الشروع في التنفيذ بفترة مناسبة ، بل إرادة عاجله لمشروع أريد له في قطر أن كن فيكون وعلى جميع المراحل في آنية وظرفية واحدة دون تدريج في المراحل التعليمية ودون تروي في الانتقال الحاد الذي اثر ولا زال يؤثر بلا شك ليس على معطيات التعليم وآلياته أو على تسرب وهروب الكثير منه عملا ووظيفة أو متعلمين ومتلقين بل وأيضا في مخرجات التعليم التي ينبئنا بها التقييم في هيئته التوأم للتعليم وهم للأسف تحت مظلة المجلس الواحدة، يقيمون أخطاء مظلتهم دون شروى نقير،
ودون أن ترسل لأولياء الأمور استبيانات استطلاعية للرأي حول ميزات ومساؤئ التعليم بعد ما يقارب عقد من الزمن وهم من أهل مكة في هذه الشعاب والأدرى بها ليتم الأخذ بها .
ومما زاد الأمر تفاقما أن تصدر تعاميم وقرارات مستجدة يوميا لتعديل معايير ما او رفع معايير إلزامية في التنفيذ أو سن نظم جديدة دون سابق تأهيل إعداد أو تخطيط لا للكادر الإداري ولا التربوي ولا لمتلقي الخدمة "ضحايا التجربة" ولا لأولياء أمورهم.
وماذا نعني بأحقية أولياء الأمور أيضا في معرفة سياسة المجلس وتعاميمه؟
إننا في مجتمع المعرفة ، أو ربما كما نزعم تطبيقه ولكن نجد نقيض ذلك في التعليم المستقل قلما تعلم عن سياسة المدرسة التي يتبعها ابنك، فلا تخصص ندوات أو محاضرات أو حتى نشرات توعوية لأولياء الأمور أو حتى رسائل تنويرية لتثقيفهم حول المخاض الذي يتعرض له ابناؤهم في ولادة متعسرة.
أسوق على ذلك مثالا حيا ألا وهو القرار الصادر هذا العام بتحويل نظام الثانوية السابق المقسم إلى قسمين متقدم و تأسيسي والذي كان يحدد مسار كل طلاب الثانوية من الأول الثانوي وفقا لدرجة حذقهم للغة الإنجليزية، والذي قلب هذا العام ليفاجأ طلاب الثانوية العامة (الثالث) وأهلهم بنظام المسارات التعليمية الذي لم يبدأ من الأول الثانوي بل عاد ليبدأ في الخاتمة وبمباغتة مطلع العام الدراسي الحالي ليخير طلاب الثانوية العامة بين مسارات المتقدم للطب أو الهندسة او مسار الآداب ، وهذا التخيير بين المتقدم والتأسيسي لا يقوم فقط على خيارات تعلمهم للمواد العلمية أو الأدبية ، بل يحدد أيضا طرق التعليم في الصفوف ذاتها بحيث يشحذ الطلاب في المتقدم بكم أكبر وفهم أوسع وطرق متقدمة للمعرفة مما يتلقاه التأسيسيون ولكن عند الامتحان يعامل المتقدمون والتأسيسيون نفس المعاملة فيأتي معيار الامتحان النهائي واحدا في ثانوية عامة حرمت عددا لا بأس منه من مبدأ تكافؤ الفرص حتى لو كانت نوايا التخصص ومراعاة الفروق الفردية محمودة في ممارسة التعليم الصفي أما المخرجات الختامية فهي حتما ظالمة لأن الأدوات والإمكانات المقدمة للفئتين داخل قاعات الدراسة غير متكافئة ليمتحنوا امتحانا واحدا وفقا لمعايير واحدة تقيس المتقدم والمتأسس بنفس المعيار والحكم.
إنه ليس اختبارا ولا حكما إنه في الحقيقة جرما بل جريمة على الطالب المسكين وعلى أهله الذين سيشقيهم مستقبله العلمي بعد النتيجة الختامية المهمة لتحديد مستقبله في الجامعات.
ومع كل تلك القولبة المتزامنة نسفت جامعة قطر (الأم) الحكومية الوحيدة معاييرها لتطبق الجودة العالمية في يوم وليلة ويا ليتها الجودة فقط بل التغريب في التعليم كله وجله حتى في العلوم العربية القح ، بنسف اللسان والهوية قبل تغيير مسار التفكير المزعوم لتنسف بين هناتها ربيع شباب ذهب سدى بين سيارات التسابق او امام شاشات الانترنت وغرف الدردشة أو ترك الكثير عرضة لآفة التردي أو المخدرات ، ونحن نعرف المسؤول أو المتهم في التسبب في بعض تلك المشكلات دون ان ندخل في جدلية (المدارس أو الجامعات) كإشكالية (البيضة أم الدجاجة)..
لكل ذلك لا تأتي شكاوى الجماهير سدى سواء في رسائلهم أو اتصالاتهم لنا ككتاب رأي، أو تذرعهم وشكواهم المباشرة في "وطنهم الحبيب صباح الخير" ، وهاجس الخوف على فلذات أكبادهم في وطن نشكل فيه نحن القطريين فقط – 20%- من جملة السكان وفقا لآخر إحصائية.
ولنا أن نسأل :
لماذا ضعفت الثقة؟ وهل حرص مجلس التعليم على استرجاعها؟
ضعفت الثقة لأن أبناء قطر وقفوا على حافة الصراط دون أن يكون منهم أعراف رغما عنهم ، فأما الهاوية أو طوق النجاة لمن نجا .
أغلقت الأبواب أمامهم في التعليم الجامعي كله بسبب ما تجرعته التغيرات الآنية المرتجلة في التعليم الحكومي خصوصا لمن أدخلت عليه الأنظمة الجديدة عنوة في سنواته الأخيرة ليكون كبش الفداء أمام انحراف واضح وتغير غير مبرر في نسب الطلاب كل عام خذلتهم فيه قرارات جديدة تطبق عليهم فجأة دون أن تعرف السكون او السكينة،
هذا والجامعات في قطر - القطرية والغربية منها- تلفظ ذرا ريها ، حين تتلقفهم الجامعات الأخرى في دول متعددة لكن مع تكبد من وعي من الآباء ضرورة أن يقود ابنه إلى البلدان المتطورة حتى لو بذل ما بذل لينهل العلم الحق الذي أتيح له مع كل معايير الجودة والتطوير مبدأ تكافؤ الفرص و التنوع فضلا عن مراعاة الفروق الفردية سواء في نظم التعليم الإلزامي أو الجامعي وبنسب معقولة جاورت الجامعات العريقة فيها جامعات أخرى قوية في دولها ، وأخرى سميت ب community colleges ، حتى لا يظل على ارضها طالبا أجبرته أرضه على الأمية القسرية ، ومن درس في الغرب خير شاهد على ذلك.
الثقة ضعفت ولم يحرص مجلس التعليم على استرجاعها
لماذ أيضا ؟؟
يتبع في مقال لاحق،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق