الخميس، 15 نوفمبر 2012

قمر «سهيل» القطري وسط حرب النجوم

 مداد القلم/ الشرق
31 اكتوبر 2010

في الثمانينيات من القرن الماضي في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريغان عام 1983 على وجه الخصوص ظهر مصطلح «حرب النجوم» في الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفييتي على مبادرة الدفاع الاستراتيجي لاستخدام الأرض والنظم الفضائية لحماية الولايات المتحدة من هجوم بالصواريخ الباليستية النووية الاستراتيجية.
أما دراما الخيال فقد بدأت مع فيلم «حرب النجوم» الذي أصبح ظاهرة ثقافية عالمية، تضم ستة أفلام ومسلسلات تلفزيونية وكتبا ومجلات هزلية وألعاب الفيديو، ضمن إطار خيالي يحدث في «زمن سحيق جدا وفي مجرة بعيدة جدا» وتعرف بأوبرا فضاء أسطورية. أما أوبرا أو أوركسترا حرب النجوم الواقعية فأبطالها ليس الاتحاد السوفييتي أو روسيا حاليا ولا الولايات المتحدة، ولا حتى الفضائيات الغربية التي تغرد في أسرابها وأسراب غيرها بأريحية بالغة وبمختلف البرامج دون خطط دفاع استراتيجي أو ضوابط أخلاقية مشروعة إعلاميا على الأقل من جانبنا نحن المستقبلين العرب لفلترة الغث من السمين حتى على العقيدة والهوية والمسلمات الرئيسة في الدين والذات الإلهية. هي في الحقيقة "ملحمة حرب نجوم جديدة" بين العرب والعرب أنفسهم طبعا وبتحريض نجم بطل غائب متخفٍ في فضاء أسطوري ما بين أقمار تحاكي الانتلسات أو اليوتلسات أو الهوت بيرد أو أتلانتيك بيرد وغيرها مما يدور في أفلاكها ومداراتها إما بشروط وأخلاقيات مُحترِمة للحرية ولما يرادفها ويرافدها، أو شروط أخرى متناقضة أو مختلفة، أو ربما مُتَخلّفِة.
الأقمار المعنية بالضغوط عربية ولكن الفضاء إعلامي عالمي يدور في أفلاك دولية، تغذي مواقفه إما إملاءات واشتراطات دولية أو سياسية داخلية مثل موقف "النايل سات" في مصر من الفضائيات الدينية مؤخرا وموقف الكويت من فضائية "سكوب" عندما تحول قناة الى القضاء بتهمة سياسية بسبب مسلسل ساخر.
الأمر الذي حدا بالقنوات لأن تهُمّ بالهجرة القسرية في أشكال إما إلى بلاد المهجر بحثا عن قمر أوروبي أو غربي حرّ يستضيفها بكل ما تبثه من هموم الكلمة والرأي لتصطدم أيضا بلجنة دولية تبُتّ في إصدار التراخيص في تُهَم ٍتتخذ طابعا جديدا يحددها موقف القناة من "السامية"!!!!! أو بالبحث عن طاقة الفرج في قمر عربي مرتقب مثل (سْهيلْ) القطري الذي سيكون محط أنظار الحريات والمساحات المفتوحة المتوقعة لقنوات مكممة الأفواه تسبقه سيرة ومسيرة وتجربة دولة قطر الناجحة فضائيا في قناة الجزيرة التي تحولت إلى شبكة دولية عبر العالم رغم كل الانتقادات اللاذعة التي تلطش بها يوميا، هذه التداعيات الكبيرة جددت التنافس أيضا لإطلاق أقمار جديدة لا تتبع الحكومات مثل مبادرة إنشاء "قمر صناعي إسلامي"، خصوصا وسط خيبة أمل ملاك القنوات المغلقة من عدم توقع نصرة المرخصين العرب لهم في إيجاد مساحة للقنوات الخاصة في الأقمار التي تبث وفقا لعقود خاصة. فاتفاق القمرين الصناعيين المصري "النايل سات" والأردني "نور سات" مؤخرا على وقف قناتي "الرحمة" و "الحكمة". ولجوء القنوات الأخرى الموقوفة قبلهما إلى وضع تعهدات مكتوبة باحترام ميثاق الشرف الإعلامي والخرائط الجديدة للبرامج لتتسق مع عقد الترخيص لتقسم على جميع المجالات التي تهم المشاهد وليس البرامج الدينية فقط، ولتضمين محتوى البث أغاني وبرامج ترفيهية حتى في القنوات الدينية أو الثقافية البحتة،يعد تدخلا ذريعا في محتوى القنوات وحتى "التتر" ليس بأخلاقيات عامة بل بشروط مجتزئة فقط، والمفارقة أن هذه الحركة لم يسبق لها تطبيق على مستوى الأخلاقيات عندما مست القنوات الذات الإلهية والدين والقيم والهوية ليس على مستوى إغلاق قنوات "فهذه دعوة باطلة إعلاميا". بل على اقل شيء ومعترف به إعلاميا وهو وضع ضوابط أخلاق المهنة في عهد العقود للالتزام بها عند البث وهذا ما لا يتناقض مع مبدأ حرية الإعلام الذي تطبقه الدول الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي وكندا وأمريكا. وهذا ما نادت به صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند في إطلاق حملة "نحو فضاء إعلامي مسؤول" منذ عام 2008. لم يستجب العرب "ملاك الأقمار" حينها لأخلاقيات المهنة المشروعة، واليوم فقط نطقوا كفرا عندما دخلت دهاليز السياسة حيز البث الفضائي وهذه حرب النجوم الثانية في حلقتها السابعة عالميا بعد دراما حرب النجوم الأمريكية، فـ "نور سات" صرحت بأنها أغلقت قناة الرحمة لأنها تبثّ مواد معادية للسامية وتهاجم اليهود وتتطرق للديانة المسيحية وفقا لما جاء في تقرير المحكمة الدولية في فرنسا، كما تم إغلاق قنوات الحكمة والوصال والصفا وهددت أخرى من ضمنها المجد وما شابهها.. المفارقة هنا هي في موقف "عرب النايل سات" وفي التدخل الدولي في المراقبة والمتابعة بل وإصدار التراخيص فهناك لجنة مراقبة من العالم الحر السامي النبيل حيث تشكلت لجنة دولية لها من اجل البت في إعادة منح ترخيص من جديد!! وما المعيار يا سادة؟؟ "معاداة السامية " هي المعيار؟؟ وماذا عمّن يكرس نفسه لمعاداة الإسلام مثل شبكة فوكس نيوز وبعض البرامج الشهيرة فيها مثل برنامج " "أوريلي" " على وجه الخصوص، هل ووجهت باتهام أو حتى رد أو هل حذفت من أقمارنا.. في صيف 2010 تناول " بيل أوريلى " في برنامجه الشهير (أورالي فاكتور) على شبكة "فوكس نيوز" حتى الأجنة المسلمين والعرب في بطون أمهاتهم وأطلق عليهم تسمية " Baby Terrorists" واعتقد انه ما من بيت من بيوتكم أيها العرب يخلو من مثل هذا الوليد، أتعلمون من هو؟ هو كل مولود لمواطن عربي شرق أوسطي أو مسلم تلده أمه في الولايات المتحدة الأمريكية صدفه أو لظرف إقامة أو بهدف حصوله على "Green Card" والجواز الأمريكي؟ هؤلاء يصنفهم البرنامج على إنهم إرهابيو المستقبل الذين يزرعهم العرب بين صفوف الشعب الأمريكي لتغذية الإرهاب داخلها؟؟ عجبا!! لم يتحرك أحد!! وغدا سيصبح مواليدنا في أميركا شبهة دولية علينا؟
والبرنامج" وفق ما جاء في (نيوز برسونالتي رانت)، يكرس كل همه لمهاجمة الضيف من أجل تعزيز أجندة سياسية، وما حدث مؤخرا من انسحاب ضيفين من برنامج "ذا فيو" الذي يقدمه المذيع "بيل أوريلى" على شبكة "فوكس نيوز" بالاشتراك مع زميله "كيلميدى" في ذات الشبكة بسبب الهجوم على الإسلام، ومن ثم قيام فوكس بتقديم عرض سخي للمحلل الإخباري جوان ويليامز، بعد أن أعلنت الإذاعة الوطنية العامة في الولايات المتحدة "إن بي آر" فصله بسبب تعليقاته المسيئة للإسلام في برنامج "أوريلي" على شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية.
هذا مثال واحد من قناة واحدة واضحة تعادي السامية أيضا بمفهومها الواسع لا الضيق.. فوكس وغيرها من المنحازين تبث في أقمارنا التي لم تجد من يواجهها بالمغالطات ناهيك عن إيقاف بثها؟ وأقمارنا في عجب توقف قنواتنا وبرامجنا دون جناية تذكر؟ ما الذي أخل بمعايير الفضاء الغربي أيضا، ومن رخص للعالم الحرّ مراقبة فضاء مدارات أقمار الآخر؟ وكيف؟ ما هي المثل والنظم التي جرت على البرامج والقنوات الدينية من قبل إدارة الأقمار العربية "نايل سات" مؤخرا وهي التي غضت الطرف عنها سابقا بل لم تستجب لحذف قنوات السحر المعتمدة إلا بعد مبادرة العربسات بإغلاقها بعد اكتشاف السحر الصريح؟ ربما يكون محمودا الوقوف أمام قنوات الدجل والشعوذة وقنوات هدم القيم وتفكيك أواصر المجتمع الواحد لو اختلفت دياناته، ولكن لماذا لم تجرِ القرارات على برامج "الإسلام فوبيا" و "التفسخ والانحلال" و "الهشّك بشّك" وابتزاز الجيوب و "الشات الساقط" وغيرها من قنوات التنميط؟ أيّة ضغوط سياسية وحرب نجوم جديدة وموازين قوى تحكم معايير بث الأقمار وحرياتها ومواثيقها الأخلاقية؟
وأخيرا..........
هل سيخضع نجم "سهيل " القمر القطري الموعود للضغوط ذاتها؟ أم سينجح في فتح آفاق الحريات الخلوقة؟ أو غير الخلوقة؟ وهل سيرخص لحريات تكون وعدا وأملا لعالم إسلامي أو شرق أوسطي مخنوق فضائيا؟ ما موقفه من السامية أو الحامية أو غيرها من ايديولوجيات دخلت حروب أقمار العرب دون غيرهم؟ هل سيتخذ قمرنا موقف "الرأي الآخر" من الإرهاب المدموغ؟ أم سيساهم كغيره في دمغنا بالإرهاب؟
الجمهوريات الشيوعية انهارت ولم تبق لها قائمة في ظل ملحمة حرب النجوم، والدور آتٍ على الأقمار والفضائيات
فلا قمر شيوعي ولا رأسمالي ولا اشتراكي ولا قومي ولا فيدرالي ولا علماني ولا إباحي ولا إسلامي؟
فهل ستصمد الأقمار في المنافسة الشريفة على شرف أخلاق إعلامية معتمدة دوليا؟ أم ستفضي عوالم الفضاء كما الأرض إلى هيمنة جديدة منحازة لمن يهمن على الفضاء؟ ليُدمَغَ قمر الآخر من جديد بالإرهاب؟
"إنها حرب نجوم جديدة" قد يحارب فيها مسار البث وتردداته بل ونطاقه ومجرته.. إنها قضية "يا فضائيين جدد" أبعد من التشويش وقطع الترددات...
تحدٍ كبير فليستعد "سهيل" له
حتى لا يأفل نجمه قبل بزوغه، فهل سيكون اسما على مسمى...خصوصا وإن موقف الكل كما قال الشعراء وتغنى به المغني القديم حمد الطيار:
يا عطاشى عطاشى والموارد بعيدة
والثريا حداها "سْهيلْ" يم ّ المغيب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق