مجلة العاصمة
يوليو- 2010
ربما لم تنجح تظاهرة في تقريب الثقافات كما نجحت فيها الرياضة ممثلة في كأس العالم ، فهل تعد الرياضة وسيلة عظمى للتقارب والتثاقف بين الشعوب؟
بالتأكيد نعم.... فمن الملاحظ أن كأس العالم هذا العام قد خلق فرصة ذهبية لا إلى التفاف الجماهير من كل حدب وصوب في بلد مضيف لتشجيع مباريات في كرة القدم فحسب ، ولا إلى خلق فرصة لمعرفة الشعوب أو الدول المشاركة أو المستضيفة بأدق تفاصيلها فحسب، بل إلى الالتقاء الشخصي المتعولم والاندماج الحضاري في جو عالمي تضامنت فيه كل وسائل ورسائل الثقافة من هوية الفرد ذاته إلى معالم ملبسه ولونه وعلمه... إلى الكلمة و القصيدة والأدب ،إلى الأغنية المحلية والدولية في لحنها وموسيقاها وكلماتها وأدائها بل وفي اجتماع كل من يؤدي معناها الكوني الرسالة بكل اللغات العالمية من شعراء وأدباء ومثقفين وسياسيين وتجار و مغنين وموسيقيين ورياضيين تآلفوا في وحدة واحدة ليؤدوا أداءاً عالميا واحدا كلِّ بلغة قومه ولكن بمعنى واحد والهدف أن تصل رسالته لتخلق ثقافة الاحتواء العالمي في وعاء من الحب والمعرفة والتسامح.
تنافست فرق عالمية على بطولة كاس العالم ولكن الأهم من تنافسهم إننا نستحضر تاريخا عالميا مع الأرض الحاضنة ومع كل فريق يلعب وفي كل مباراة نجدها مناسبة لنخوض وأسرنا وأبناؤنا أو أصدقاؤنا وزملاؤنا حديثا ثقافيا حول حضارات وتاريخ تسطره معالم كأهرامات المكسيك وحضارة المايا والاستيك ، وزاهرة الدولة الأموية في حضارة الأندلس وقصورها ، والحصون البرتغالية وجزرها، ونهر الأمازون وأنغام السامبا والسالسا، وبلاد المليون شهيد والعروبة ضد الفرنسة، وتاريخ الثورة الأمريكية والسكان الأصليين من الهنود الحمر ، ودخول شعب المونديال وهو يقدم الركبي والبيس بول على كرة القدم، وتاريخ البلاد التي لا تغيب عنها الشمس ومستعمراتها على امتداد العالم ، وحاضرة فينيس وبرج بيزا المائل .
كل هذه الصور الثقافية والتاريخية تتجسد معالمها في مباراة كرة قدم لا تحفل بالكرة وهي في المستطيل الأخضر فحسب بل تستنهض خلفها حضارات وهوية أمم وشعوب بل وتدخل السياسة أيضا ي خضم التظاهرات الرياضية خصوصا وان الاحتفاء يكمن في ذلك العلم الذي يلوح به المشجعون لا من مواطني الفريق الذي يشجع بلده فسحب بل فيمن تجذّرت ثقافة الحب لديه للآخر وتغلغلت معاني العالمية لديه حتى بتنا في بيوتنا أثناء كأس العالم أمما في امة بل في أسرة واحدة بألوان متداخلة ومتعددة حفلت بكل ألوان الطيف ، لا نغضب ونحن متجاورون في اختلافات توجهاتنا وملابسنا الرياضية التي لا تفسد للود قضية وإن كان احدنا يلبس الأصفر أو الأخضر أو الأحمر أو الأزرق.
لا نستسلم إذا تقدمت قارة أو دولة ، المهم في المحصلة النهائية أن كرة القدم عالمية والأهم أنها خلقت مناسبة ثقافية تخطت الإقليمية إلى الكونية فكانت درسا في السياسة والتاريخ والجغرافيا والاجتماع والثقافة العامة إلى جانب الرياضة .
إنها الثقافة ،،هي كل لا يتجزأ وهذه مناسباتها الكونية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق