الجمعة، 6 أبريل 2012

التحدَّي الثَقافي العالَمي ..

*مجلة العاصمة                
نوفمبر - 2010

لا ينتظر أحدنا كثيرا اليوم حتى يجد ضالته البحثية والثقافية والعلمية بضغطة زر واحدة على أي من محركات البحث العالمية على الانترنت التي حشدت كل أطياف المعرفة في نطاقات دولية تصلنا عبر الأجهزة أو الهواتف الثابتة والمحمولة .

وإذا كانت محركات البحث العالمية قد يسرت كافة الخدمات العلمية والبحثية والاتصالات وما إلى ذلك من تحديد مسارات الخرائط والمواقع والأفراد فإننا في الواقع مدينون  لها هذه الخدمات التي لم تعط ِالعذر لأحد في عالم اليوم أن يسير خلف الركب خصوصا في الدول التي يعتبر حمل الأجهزة التقنية لدى أبنائها ترفا قد لا يفيد منه أفراده ألا بما يتحه من التواصل الاجتماعي أو الدردشة التي لا تضيف سوى الوصل والالتقاء الذي قد يكون بعضه سطحيا وهامشيا، حين يغض الكثير من المستخدمين الطرف عن استخدامات جليلة وضعت هذه الإمكانات وسخرت لها .

عندما احتفل محرك البحث الشهير "جوجل"  يوم 16 أكتوبر 2010  بذكرى  ميلاد أمير الشعراء أحمد شوقي، وذلك  باستبدال الشعار الخاص بالمحرك بشعار آخر لغوغل يحمل بيت شعر لأمير الشعراء  في حب الوطن :
" وطني لو شٌغلت بالخلد عنه ..      نازعتني إليه في الخلد نفسي" .

قادنا إلى التفكير في عظمة وأهمية محركات البحث في المشهد الثقافي العربي  بل ضرورة دخول المنافسة العالمية في مجال النشر والبحث الإلكتروني ، وإذا كانت غوغل  ضمن سياستها  في اكتساب وحيازة جمهور الشرق الأوسط  خصوصا بعد طرحها الكثير من خدمات التعريب والترجمة والتشكيل اللغوي ، فإنها هنا بعيون الشعر والشعراء العرب تدخل في صميم القلب والوجدان العربي وصميم مناسباته الثقافية التي نتمنى أن تنتهز إحيائها كل عاصمة ليس فقط في برامج العواصم الاحتفالية ، بل ببرامج  تقنية ورقمية مستمرة سنوية تحسن استخدام الوسائل العالمية في اتفاقيات ثقافية لتضم شوقي وغيره من مبدعي الأدب العربي في الصدارة في أوسع نطاقات المعرفة استخداما وذلك بوضع كنوزهم في المحتوى العربي لا شعرا فحسب بل نقدا وتحليلا ، حيث إنه مع الأجيال العربية الرقمية الجديدة لن يجدي شوقي ولا روائع الأدب العربي وعيون قصائده  ان تظل حبيسة أرفف المكتبات ولا يغني أن تترك رهينة منتديات أو أفراد هواة ليغذوا الساحة بها فقط ولكن بل لا بد وان ينتج العرب أدواتهم ويخضعوا رصيدهم وتراثهم الزاخر  إلى التحول الرقمي وهو الرصيد الغني وذلك في مشروع ثقافي رقمي معتمد نتمنى ان تتبناه عاصمة من العواصم.
وإذا كان الشعراء سابقا يعلقون المطولات الشعرية على جدار الكعبة التي سميت بالمعلقات بناء على ذلك فإن الزمن الآتي يقاس بالسرعة الضوئية وبمدى الحضور الالكتروني على نطاق ساحة المعرفة السيبرنتية التي تتنافس لا في مقدار ما هو موجود ونوعه فحسب بل في طريقة عرضة واستحوذا المستخدمين بتحقيق رقم قياسي في الدخول على محتواه وهذا يعزز الحاجة إلى تعددية لغات ما ينشر من تراجم لعيون الشعر العربي أيضا .
نكاد أن نجزم بأن أبناءنا  بغوغل وعوا وعيا اكبر بقصيدة شوقي ، وعيا جعلهم يرتادون غوغل ليبحثوا عن سر وضعها بيت شوقي مرادفا شعارها البحثي بمناسبة ميلاده فكان ذلك سبيلا لفرحة بتقلد مرابع الثقافة الجديدة الأدوات الدولية بعد ان وارى كتبها الغبار في الأرفف العربية .
جميل إذا أن يشهد بها الآخر حتى لو أرادت غوغل منافسة خصومها في استحواذ سوق البحث السيبرنتي العربي ، أوليست هي التي بسبب كسبها سوق المنافسة شاع لدى المستخدمين والباحثين والجمهور  لها كلمة : Google  it والتي تعني بالعربية : غوغله ...أي ابحث في غوغل  إن صح لنا تعريب المصطلح الجديد.
هذا شعار العالم اليوم يوم أن ارتادت وتفوقت غوغل على مختلف مواقع البحث ، ليس من قليل إنها علمت كيف تستقطب الآخر من كل الثقافات في سياساتها، والدور لمراكز العرب الثقافية  لتكون وعاء لثقافتها وغيرها  كما كانت في حاضرة الدولة الإسلامية ولكن اليوم وفق احدث النظم وبطريقة غير تقليدية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق