الخميس، 22 أغسطس 2013

فقيد قطر.. فقيد المسؤولية الاجتماعية

مداد القلم ... الراية  3 مايو 2009
لم تنم عين قطر ليلة الجمعة الماضية، بل باتت حزينة دامعة على فقد وزيرها الشاب فهد بن جاسم آل ثاني رحمه الله وطيب ثراه،يتداعى القدر فيختار، وليس للمرء حياله إلا أن يقول (إنا الله وإنا إليه راجعون) .
يتفاقم الحزن في موت الفجأة خصوصا إذا ما اعترض المرء في طريقه ما لم يحتسبه أو يحسب له، حتى لو بذل كل أدوات الحيطة والحذر لتأتي أخطاء الآخرين لتحيل الجسد أثرا بعد عين.
إن فقد قطر للشيخ فهد لهو امر جلل، ولشخص حمل بلا شك مكانة عزيزة عند الآخرين وترك بصمات واضحة دلت عليها الجنازة المهيبة التي آوته إلى مثواه الأخير في جموع غفيرة أدت صلاة الجنازة في صلاة جمعة مشهودة.
ولسنا نبالغ إذا استشعرنا تلك المكانة أيضا بتلك الرسائل الجوالة التي تم تداولها عقب صلاة الجمعة مباشرة لتلهج قطر كلها بالدعاء له والترحم عليه، وبالتأكيد وفقا لما أجمع عليه من عرفه عن قرب، الذيم لم تشأ عقولهم بداية أن تستوعب الحدث عن أن تصدق بداية أن تخطفه يد المنون بسيارة طائرة باغتته من حارة ثانية في شارع رئيسي ذي حارتين رغم أن بينهما جزيرة.
كل كان يريد أن يكذب الخبر ولكن حل القضاء، فضاق الفضاء، فقدر الله وما شاء فعل (ولا حول ولا قوة إلا بالله).
واذا كانت تلك البصمات الطيبة قد سطرتها حياته، فإنها بلا شك ستكون علامات تتعزى بها عائلته الكريمة لتستشرف له البشرى بطيب الآخرة التي تنتظره بإذن الله عند مليك مقتدر.
ولعلنا لا ننسى أن أقرب تلك البصمات صورة المرحوم الأسبوع الماضي أثناء توقيع مذكرات التعاون في جولة أوروبا فخطت يمينه اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة تحدث في ذكراها معي صباح اليوم أحد كبار المسؤولين البرتغاليين، الذي حضر مؤتمر الصحافة الدولي المنعقد في الدوحة حاليا. الغريب والقريب في الحادث الجلل المفاجئ يعجب لحكمة القدر عندما تذهب الشخوص ويبقى الأثر. ونعم الأثر الطيب فيمن ترك، طاب بإذن الله مسكنه ووسع تعالى مدخله.
هذا وإنني إذ كنت في إطار البحث في كلمة للمرحوم أردت أن أسطرها في هذا المقال، لم أستطع وخانني محرك البحث، لا لعدم وجود الكلمة بل لمفاجأتي بوجود ما يزيد على 4360 موضوعا في غوغل فقط، حول خبر نعي المرحوم وعزائه الذي تداولته ليس فقط وسائل الإعلام كخبر، بل المنتديات الخليجية والقطرية بطيب الحديث عنه رحمه الله، وتلك لعمري علامة فارقة ومؤشر طيب يستبشر به من خلفه أن - بإذن الله - (طبتم فادخلوها سالمين).
لن تنسى قطر الفقيد في النطاق العملي الميداني، فهو إن جاز لنا التعبير أن نطلق عليه فقيد المسؤولية الاجتماعية، ذلك المسلك الجديد في الأعمال والتجارة الذي افتتحته سواعده رحمه الله في المؤتمر الأول من نوعه في قطر الذي طبع فيه بصمته ودعا في كلمته في الأسبوع الأخير من فبراير الماضي:
إلى تأسيس مؤشر للمسؤولية الاجتماعية للشركات القطرية لقياس أدائها ودرجة تحملها لمسؤوليتها الاجتماعية استنادا إلى معايير دقيقة لخلق التنافسية بين المؤسسات، وكان رحمه الله قد أكد فيه على ضرورة إلا تتعلق الأعمال بتحقيق الأرباح فحسب، ولكن بوضع الأهداف الكلية للمجتمع نصب العين.
من شفافية المؤسسات في تعاملاتها وتوضيح حقيقة مصلحة هذه المؤسسات في تعاونها مع القوى العاملة ومؤسسات المجتمع المدني في العمل معا من أجل تحقيق المبادىء والأسس الإنسانية والمجتمعية.
إن حرصه رحمه الله على هذه المسؤولية الاجتماعية لهي رسالة في الحياة وأمانة حملها على عاتقه وانتقلت روحه إلى بارئها وهي لا زالت في يده غضة نضرة، انها أمانة الأمين على مجتمعه الذي عكست حياته مؤشرات طيبة .
لقد نادى المرحوم- بإذن الله- واقترح في ذلك المؤتمر:
بتقدير جائزة سنوية بين مختلف قطاعات الأعمال في قطر، على ان يتم منح الشركات ذات الأداء الأفضل وفقا للمسؤولية الاجتماعية جوائز سنوية تقديرا لأدائها وتحفيزا لغيرها لنهج نفس السلوك.
وعليه، فإننا نتمنى على دولة قطر أن تسطر هذه الجائزة باسمه تقديرا لأمانة رسالة العمل التي حملها على عاتقه.
وإن كان بالفقد مصاب جلل، فإن المرء ليسطر في حياته عبر، وقد يقدم المرء في حياته عظات، ويكون بالموت أوعظ منه حيا، وهكذا كان رحيله، فالله نسأل أن يفتح أعين الخلق أيضا- خصوصا -الشباب الصغار- إلى المسؤولية الاجتماعية في الطرقات حتى لا يستمر مسلسل إزهاق الأرواح البريئة الحذرة بجريرة أخطاء الآخرين، إلا ما كان خارج القدرة الإنسانية بحتا إلى يد القدر المطلق.
رحم الله الفقيد وطيب ثراه وألهم أهله وذويه ووالدته العزيزة الصابرة المؤمنة الصبر والسلوان.
(فطوبى له وحسن مآب) اللهم آمين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق