الخميس، 22 أغسطس 2013

الوزراء والمسؤولية والمحاسبية

مداد القلم ... الراية 12 ابريل 2009
يطيب لنا دائما -نحن الكتاب- أن نسلط أقلامنا سوطا على الوزارات والأجهزة الحكومية إيمانا منا بالدور الأول للسلطة الرابعة في الرقابة على السلطات الثلاث والأداء الحكومي، ولكننا قد تخوننا الأدوات الرسمية أحيانا وقد تخوننا الأوقات أو التقييم أو التحليل المنطقي والموضوعي النزيه  لأداء الوزارة، الجهاز  أو الوزير أو المسؤول.
لن تبرأ وزارة أو جهاز أو وزير أو حتى موظف  من أي هفوة، بل قد تحدث كبوات حتى للمجيدين حتى قال العرب : "لكل جواد كبوة"، والجواد ليس خيلا فحسب بل (أجود الخيل).
نصب البعض أقلامهم خلال الفترة الماضية على الوزارات وأعمالها ، بل أغلظ البعض على بعضها ، ولكننا لم نجشم  أنفسنا ككتاب بعد صدور  القرار الأميري القاضي بالتشكيل الوزاري السابق في تاريخ 1يوليو 2008 عناء الانتظار، فهل في نقد سلطتنا السابق أعطينا الوزراء فرصة لترتيب بيتهم  أو إعادة ترتيب تركة تحملوها بتعديلات مرتقبة في جذورها؟
  وهل ألحق القرار السابق بتشكيل الوزارات، بقرار  لاحق مباشر بتحديد اختصاصاتها ، وإقرار هيكليتها ؟ 
 الجواب بالنفي...
وقتها لم نكلف أنفسنا عناء البحث في ذلك أو توجيه التقييم أو النقد لمن يملك أدواته، لأن الأقلام قد بريت وسنة التقييم أو  النقد لا تنتظر. خصوصا أن ديدن السلطة الرابعة لدى الكثير (عين سخط تبدي المساويا).
إنه لمن المعلوم بالضرورة ان إقرار إعادة تشكيل وزاري بهيكلية جديدة معدلة  ليس بالأمر الهين، بل  لا بد وأن يأخذ وقته إلى حين إقراره خصوصا وأن قطر قد تحولت مرة أخرى من دولة المؤسسات إلى وزارات حكومية في خطوة امتدحها الكثير منذ إقرارها نظرا لكونها تؤهل لبرلمان نزيه يجد فيه المواطن مسارا محددا ومرجعية واحدة للمحاسبية المرتقبة.
كما أن هذا الأمر أيضا حتما سيأخذ وقتا نظرا لاستحداث وزارات جديدة تقتضي تحديد اختصاصاتها ورسم هيكليتها الجديدة. هذا فضلا عن إعادة تشكيل وتحديد اختصاصات بعض الوزارات والمجالس والهيئات القائمة بالفعل،  تلك المرحلة التي قد تشتتت عمل الأجهزة ما لم يصدر بها نص صريح بقرار، أو  قد تعطل عملها وتشله كلية في ازدواجية يصعب التوافق معها. وقد لاحظنا أثر ذلك على كثير من الأجهزة في الفترة الماضية ولا زلنا نلاحظ..
وفي الفترة التي استمرت لمدة تسعة أشهر-  من يوليو 2008 - إلى إبريل 2009 ، نجد لزاما علينا حاليا أن نوجه مسار  التقييم  لأعمال الوزارات حاليا -  في ضوء هذه الملابسات بموضوعية-  ولا ضير أن نواصل تقييم أو حتى نقد ما يستحق النقد من الأمور الأخرى في الشؤون العامة أو الحياة دعما لمسيرة الإصلاح والتطوير، فالعرف الديني أيضا في ثقافتنا رسم سنة المحاسبية والتي غدت مثلا فنحن كبشر لم نحاسب إلا بعد إرسال الرسل ونزو ل الكتب،وعليه قس ذلك أيضا على كل شيء يقتضي المسؤولية والمحاسبية في الحياة.  
وبعد ما استلزمته العملية ولدت  الأشهر التسع مذ كانت نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى عظاما إلى أن اكتست لحما، ثم أنشئت خلقا آخر ، جاء قطر المخاض الوزاري في إبريل، فاستبشرنا بالولادة ، فقد صدر القرار الأميري رقم "13"  و "14""15"  لسنة 2009 بإنشاء وتنظيم مجالس الأعلى للصحة، الأعلى للتعليم، والأعلى  للأسرة على التوالي . كما صدر القرار الأميري رقم "16" لسنة 2009 بتعيين اختصاصات الوزارات.
ولما كانت القرارات فد قضي  بتنفيذها والعمل بها من تاريخ صدورها وان تنشر في الجريدة الرسمية، فقد تحددت اختصاصات ومهام معظم الوزارات.
ولكن هل ملكنا كل الأدوات كسلطة رابعة للبدء في المحاسبية التامة دون أن نَظِلم أو نُظلَم؟ 
 الجواب بالنفي لأسباب:
أولها: إن القرار قد نص على  تعيين اختصاصات الوزارات فقط على أن يصدر بالهيكل التنظيمي لكل وزارة قرار أميري بناء على اقتراح مجلس الوزراء،  حيث سيراعي في إعداد الهيكل تلافي الازدواجية بين الوزارات والجهات الحكومية وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد البشرية والمالية، بما يكفل تحقيق أهدافها على أكمل وجه وكلفة اقتصادية.
إذا لن نستطيع في هذا المخاض أن نهز النخلة، فالوقت لم يحن بعد لسقوط الرطب الجني لأن أداء الجهاز لن يكتمل ما لم تكتمل أدواته كلها خصوصا وإن الهيكلية هي الآلية التنفيذية للعمل ضمن الاختصاصات والأهداف التي نص عليها القرار السابق. لذلك فلا زلنا ننتظر صدور القرار بعد اقتراح مجلس الوزراء ونتمنى ألا يتأخر قطافه.
ثانيها: إن القرار الأميري حدد اختصاصات معظم الوزارات والأجهزة، وليس جميعها إذ غاب تحديد اختصاصات بعض الأجهزة والوزارات من هذا القرار، وهذا ما يجعلها محور سؤال جوهري خصوصا وإن بعضها مستجدة  قد أغفلت كلية في هذا القرار،  دون أن تكون هناك هنات أو مؤشرات في القرار ذاته تحدد وضعيتها ومهامها واختصاصاتها حتى يتبع ذلك قرار بتنظيم هيكليتها؟
ثالثا: تشتت منتسبي السلطة الرابعة في الشروع في المحاسبية التامة ، وحيرة وتشتت برلماني المستقبل بين عودة مجلسين كبديل لوزارتين خلال تسعة أشهر فقط ، وتحول وزرائها إلى أمناء ، مما يجعل محور حقائبهم الوزارية موضع تساؤل ومقاعدهم في مجلس الوزراء ، فضلا عن المحاسبية المستقبلية التي تقتضي وفقا للدستور أن يساءل "الوزير" نصا عن وزارته أمام الشورى. فكيف سيصبح الأمين العام عضوا في مجلس الوزراء؟؟
وأخيرا: حدد القرار عددا من الاختصاصات لكل جهاز أو وزاره ، ويلاحظ وجود بعض الإدارات التنفيذية في بعض الأجهزة المعنية برسم السياسات العامة ، وهذا مدعاة للخلط والتداخل في أعمال بعض الوزارات التنفيذية تماما كما كان ذي قبل ، مما يشتت الجهود والموازنة ، ويخلق الصراع بين أعمال الوزارات والمجالس والهيئات والتي سيكون لها أثرها على جودة ودقة الأداء الحكومي بشكل عام، فضلا عن تبعثر الجهود والموازنات التي افترضها القرار (بأقل كلفة)  ، فضلا عن تشتت دفة المحاسبية تحت قبة الشورى المنتخبة القادمة.
إننا نترقب صدور الهيكل التنظيمي لكل وزارة مع نص القرار على عدم الإخلال بالاختصاصات المقررة للوزارات بموجب القوانين وغيرها من الأدوات التشريعية دون ازدواجيات تجعل الوزارة الواحدة أو الجهاز الحكومي الواحد كما يقول القرآن في ما يجري مثلا - ذي "شركاء متشاكسين لا سلما لرجل واحد" وفي ذلك فرق- بقوله "هل يستويان مثلا؟" بمعنى: لا يستويان مثلا.
بلا شك ،أن الساحة الآن ستصبح جاهزة أمام كل مسؤول لتنظيم بيته أو إعادة تنظيمه ومن ثم الشروع في أعمال وزارته أو جهازه خصوصا بعد أن تصدر الهياكل المرتقبة، التي نتمنى ألا تستغرق تسعة أشهر أخرى.
وإلى ذلك الحين ،نضع أنفسنا في موقف هؤلاء الوزراء أو المسؤولين وموقف كل مسؤول في الدولة جرب أن  يتقلد تركة أو مسؤولية كبيرة دون تحديد مهام أو اختصاصات او مع وجود مهام دون إعطاء أي صلاحيات.
ندعو الله أن يعين كل من يملك نصف أدواته أو من لا يملك أي أداة -  على تحمل ما تسنه الأقلام ، كما ندعو لأنفسنا بصفتنا منتسبي السلطة الرابعة أو ممثلين لجيل نيابي مرتقب ناخبين أو مرشحين أن يلهمنا الصبر والموضوعية إلى حين اكتمال أدوات التقييم  برسم ملامح واختصاصات وهياكل كل الوزارات والأجهزة .
ورغم كل ذلك فإننا مقتنعون بأن هناك أجهزة ووزارات ومؤسسات في الدولة تستحق أن تكون من الآن تحت عين التقييم والملاحظة، وأخرى تستحق الصبر ، وأخرى تستحق الشفقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق