الأربعاء، 21 أغسطس 2013

جائزة نوبل لوعود السلام

مداد القلم ... الراية 11 أكتوبر 2009
كم جميل أن يوقظك أحد من نومك فجرا ليفاجئك بحصولك علي جائزة دولية عظيمة مثل جائزة نوبل للسلام، قد تتوقعه حلما، فتحاول جاهدا أن تفتح عينيك لتصدق الواقع، لتجدها رؤيا صادقة خصوصا وان رؤي الفجر لا تخطئ فتستقبل الخبر بغرابة خصوصا عندما تشعر أنك لم تفعل شيئاً لنيل هذه الجائزة العريقة سوي أنك قطعت وعودا أهلتك بجدارة لأن تكون منافسا خطابيا جيدا فيها.
وكانت لجنة نوبل للسلام قد أعلنت الرئيسي الأمريكي باراك اوباما فائزا بالجائزة من بين 205 مرشحين قبل أقل من عام علي دخوله البيت الأبيض لأسباب ذكرتها بأنها جهوده في إيجاد مناخ جديد في السياسة الدولية وتكثيفها لمصلحة السلام في العالم.
صحا أوباما من نومه علي الخبر من خلال اتصال هاتفي من روبرت جيبز المتحدث الصحفي باسم البيت الأبيض، ثم ما لبث أن تصفح بريده الإلكتروني ليجد رسائل تستنكر حصوله المبكر لها، لذلك أعلن في تصريحه الموفق الذي أدلي به من البيت الأبيض:  "فوجئت بقرار لجنة نوبل وفي الوقت نفسه أتلقاه بتواضع كبير".
وأضاف:  "لأكن واضحا. أنا لا أري الجائزة اعترافا بإنجازاتي الشخصية أكثر مما هي تأكيد علي زعامة أمريكية باسم تطلعات يتقاسمها البشر من كل الأمم"، وتابع "لأكن صادقا أشعر بأنني لا أستحق الجائزة".
هذا تواضع محمود ومطلوب ومتوقع في تصريح اوباما وبالتأكيد كان عليه أن يجد ما يقوله ليعلن انه رأي في الجائزة دعوة للعمل ضد الاحتباس الحراري والانتشار النووي ولحل النزاعات.
كان تصريح اوباما عن الجائزة بأنها دعوة لما يجب أن يقوم به في المستقبل من عمل ووعود بتحقيق السلام  أفصح من رد ثوربيورين ياجلاند رئيس لجنة نوبل نفسه.
الذي اضطر بعد  دهشة الإعلاميين وأسئلة الصحافيين الذين اعتبروا أن اختيار اوباما جاء سابقا لأوانه الأمر الذي  اضطره لأن يدافع عن قرار اللجنة معتبرا فوزه تعبيرا عما حققه خلال العام المنصرم.
بالتأكيد هناك تعجب لا من نوال شخص اوباما للجائزة فقد يستحقها بعد أعوام ولكن لأنها لم تطبق المعايير علي تجربة أخذت حقها الزمني في التقييم والقياس، لذلك فمصداقية الجائزة ونزاهة الاختيار ستتعرض للمساءلة والتشكك خصوصا وان رئيس الجائزة علل سبب الاختيار بما حققه اوباما العام المنصرم.
ولكن أي عام منصرم يقصده ياجلاند؟ وأي إنجازات رصدتها اللجنة؟
الكل يعلم أن اوباما لم يمض علي توليه سدة الحكم سوي تسعة أشهر ولم يحقق بعد إنجازا كبيرا في مجال السياسة الخارجية. هذا ولا زالت وعود إغلاق معتقل غوانتنامو تتراجع عن وقتها المقرر لها، ومفاوضات السلام في الشرق الأوسط لم تصل إلي حل، هذا مع  استمرار جبهتي العراق وأفغانستان مع  زيادة القوات فيها وغيرها...
لا شك بان جائزة نوبل للسلام تعطي في مجال السياسة مثلما سبق وأعطيت لبيجن والسادات وبيريز ورابين وياسرعرفات ، وللزعيم نيلسون مانديلا ودي كلارك، ولكن بما تسطره من إنجازات فعلية، أما أن تعطي علي وعود فهذه تغييرات مفاجئة في معايير إعطاء الجائزة وهضم لجدارة كثير من السياسيين لاستحقاقها عن إنجازات ملموسة.
 ويلاحظ أنها لم تعط للعرب سابقا إلا في مجالات السلام العربي الإسرائيلي وفي معايير لا تغيب عنا مناسباتها وأسبابها في تحكيمهم السابق.
واليوم لا نعلم كيف ولماذا تغيب الجائزة ترشيح القيادات العربية عنها في الوقت الذي أثبت سياسيون عرب بارزون دوليا إنجازات سلام في كثير من القضايا الدولية يبرهنها الحصاد الذي أثمرته سواء في قضية حقوق الشعب الفلسطيني والسلام ، الصراع العربي الإسرائيلي،  لبنان، العراق، السودان، اليمن، وتعزيز الدبلوماسية الدولية في كثير من القضايا الجدلية حول العالم،  فضلا عن جهودهم في التحرك الدولي النشط علي مسارات التنمية وتمويلها والتعليم والبيئة.
مبروك لأوباما مولود التسعة أشهر بولادة سهلة، ولكن نتمني قبل أن يغادر أوباما  إلي أوسلو ديسمبر المقبل لاستلام الجائزة  أن تري بعض وعوده النور في مسارها العملي، فأوباما اليوم يواجه تحديا أكبر من ذي قبل، والجائزة دخلت معيارا جديدا ربما يحمد له تحفيزه اوباما علي إنجاز الوعود والنوايا الحسنة.
أما محكمو نوبل - فعلي صعيد دولي - فقد خسروا الثقة في معاييرهم عندما طاش تحكيمها وزمنه، إلا إذا اعتمدت النوايا من اليوم وصاعدا كأحد المعايير المستقبلية، بينما سنظل نحن العرب- نحلم بموضوعية المعايير النزيهة ويا ليت أحلام المنام يقين.
ولن تكون يقينا، كما الفرق بين الحلم والرؤيا، فستظل جائزة نوبل حلما لمستحقيها من السياسيين العرب- عذرا- بل أضغاث أحلام، ولقطاع الوعود من غير العرب رؤيا تأتي كفلق الصبح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق