الأربعاء، 21 أغسطس 2013

مرض السرطان في قطر ومجتمع المعرفة

مداد القلم ... الراية 18 أكتوبر 2009
يتساءل الكثيرون: ما سبب زيادة عدد حالات الإصابة بالسرطان في قطر؟
لم تتح لنا إحصاءات متكاملة ولكن آخر الإحصاءات المعلنة عن نوع واحد في العام 2008 تشير إلي تسجيل حوالي 120 إصابة سرطان ثدي سنويا وذلك بارتفاع عن الأعوام الماضية بحوالي 30 حالة.
كما صرحت به الدكتورة صالحة بوجسوم استشاري أمراض دم وأورام بمستشفي الأمل.
وقد تم إنشاء عيادة الكشف المبكر ابريل 2008 مع وجود النية  لإنشاء مركز للكشف المبكر عن السرطان في مستشفي الأمل لتبدأ بالكشف عن سرطان الثدي ومن ثم تتوسع لتشمل بقية أمراض السرطان مع نية توسيعها لتشمل الخور والوكرة وغيرهما،  وفقا لما  أشار له السيد ناجي المناعي المدير التنفيذي لمستشفي الأمل.
ونظرا لأهمية التوعية والتثقيف في هذا المرض الذي بات يداهم كل منزل، ونظرا لأن أكتوبر هو الشهر العالمي للتوعية بالسرطان الذي قامت فيه مؤسسة حمد ممثلة في مستشفي الأمل وبالتعاون مع الجمعية القطرية لمكافحة السرطان ببرامج هدفها  توعية الجمهور بأهمية الكشف المبكر والفحص الذاتي الذي يجنب وصول السرطان إلي حالات متأخرة ما يصعب من علاجه.  
نتساءل عن سر زيادة مرض السرطان رغم الجهود، ونعلم بالتأكيد أن هناك أسبابا يرصدها الأطباء والباحثون المختصون في هذا المجال، وإن كانت نتائجها تغيب عنا أو عن طرحها في وسائل الإعلام ، إلا أن الذي لا يغيب عنا هو ما يركز عليه الأطباء والمسؤولون دائما من تدني نسبة المقبلين علي الكشف المبكر عن السرطان في عياداتهم خصوصا في الأنواع التي تم البدء بها، رغم أن هذا الإجراء يعد مهما وضروريا حسب التوصيات التي تصدرها منظمة الصحة العالمية.
وعندما نحلل الأسباب، دائما ما ننظر إلي النهضة التي تشهدها دولنا من تطور عمراني وصناعي لذلك فأصابع الاتهام دائما تشير إلي ما تفرزه عصارة النهضة الممثلة في التلوث البيئي الناجم عن كثرة المصانع وعوادم النفط والغاز والمحروقات وما في حكمها.
فضلا عن التلوث الإشعاعي مما أحدثته الحروب الأخيرة بالمنطقة الخليجية من استخدام المواد المشعة في حرب العراق- الكويت، فضلا عن تصريف مخلفاتها دفنا في بعض المناطق، كما وردت في بعض الأبحاث الغربية.
كما تتهم الإشعاعات المحتملة من المحطات الأرضية للخدمة الخلوية للهواتف الموزعة في المناطق السكنية دون اعتبار للعامل الإنساني الصحي، أو بحث بدائل الفايبر اوبتكس ومدي إمكانية تطبيقها بديلا سليما -عن المحطات الأرضية بذبذباتها وأشعتها إن اعتقدت أو جزمت أفضليتها دون أضرار سلبية علي الصحة. خصوصا وقد صدر أخيرا تقرير صحي أمريكي يحذر أيضا من كثرة تعرض المرضي لأشعة التصوير السينية في الاستخدامات الطبية والسي تي سكان الذي يزيد تكراره من احتمالية الإصابة بالمرض.
هذا كما يتهم الغذاء المصنع بما يحويه من مواد حافظة وألوان صناعية وكيماوية، أو حتي الوجبات السريعة مضافة إلي السمنة المفرطة التي تكون عاملا من العوامل المسببة للمرض، وعدم اعتماد أنظمة غذائية صحية واعية أو رياضة يومية تحافظ علي الوزن المثالي التي يؤكد الأطباء أنها تقلل من نسبة الإصابة.
أما المسبب الرئيس الذي تركز عليه معظم البحوث في تفاقم نسبة السرطان في دولة قطر هو التدخين بمختلف أنواع التبغ كما أشار د.عبدالعظيم حسين، المدير الطبي للمستشفي الأهلي مؤخرا، و يدان فيه  الأفراد بالتقصير رغم كل الحملات والتحذيرات حول منتجاته،
ولكن تدان أيضا الدول في التساهل في بعض قوانينها المتعلقة بالتبغ ومشتقاته دون متابعة لضرائب تفرض علي مشترياته تحد من نسبة المشترين، ومن ثم ايضا يعود ريعها مثل الدول الغربية باشتراطات تعوض خسائر معالجات الأمراض الناجمة عنها مثل المعمول به في قوانين الحكومة الفدرالية والولايات في أمريكا.
كما تدان الذمم التجارية عندما يضحي بحياة الشباب للتكسب ممثلة في ثقافة المقاهي الحديثة- القديمة التي تضاهي بعضها البعض في فنون وأسماء التبغ وأنواعه بعدما كانت السجائر وتدخين (الشيشة) أو (الأرجيلة ) تؤخذ علي استحياء، أما الآن فأصبحت مشاعا للجميع وضرا يحدق بالمدخن النشط ومن حاذاه أو جاوره أو رافقه أو جالسه من مدخن سلبي وللأسف ممن لا ناقة له فيها ولا جمل.
بالتأكيد إننا كجمهور سنقول إن أصابع الاتهام تشير إلي عدد من الأسباب كما أسلفت، ولكننا لا نستطيع أن نجزم لا الأسباب ولا الإحصاءات إلا وفقا لما تؤكده الإحصاءات والبحوث الطبية، فإذا كانت الإحصاءات تأتينا بين الفنية والأخري لتشغل بالنا بعدد الزيادة، مع الخوف الذي يعترينا عندما يداهم المرض أحد أفراد أسرنا خصوصا أنه مرض الفجأة كما تعلمون.
فأين هي نتائج البحوث الطبية من الأسباب وطرق الوقاية منها عنا ونحن في مجتمع يسمي "مجتمع المعرفة"؟
 لن نتهم مراكز البحوث بالتقصير فبالتأكيد مراكز البحوث الطبية تقوم بدورها علي أكمل وجه في اجراء البحوث. ولكننا نتساءل عن سبب عدم الإعلان عنها في وسائل الإعلام جماهيريا، أو عدم الإفصاح عن المخرجات التي تفيد المجتمع منها؟
 بالتأكيد يستفيد منها الأطباء في عملهم وأبحاثهم، وتعلن انجازا لدولنا في المؤتمرات الطبية، ولكننا نريد خطة جماهيرية موازية لإعلان مخرجاتها حصيفة إعلاميا لتشكل التثقيف دون تهميش للمرض أو تهويل حتي يستفيد الجمهور من مخرجاتها وذلك من خلال صياغتها بطريقة إعلامية ذكية في مخاطبة فئة العامة من غير المختصين، لذلك فإنك تجد في المراكز الطبية الكبري في السرطان مثل جونز هوبكنز مراكز تدريب إعلامية تدرب في المجال الصحي في الإعلام أيضا نظرا لاختلاف آليات التعاطي مع الجمهور إعلاميا ما بين موضوع وآخر، تخصص وآخر، لا سيما الطب.
ثم نتساءل أيضا:
 لماذا تظل جميع البحوث الطبية رهينة مركز موحد للبحوث الطبية في مؤسسة حمد الطبية؟ لماذا لا يتم تخصيص مركز خاص لبحوث الأورام والسرطان في دولة قطر بحيث يتاح توسعته مستقبلا علي النطاق الخليجي خصوصا أن المنطقة الخليجية تكاد تخلو من مركز بحثي متخصص في ذات المجال رغم تزايد نسبة المرض ورغم أهمية بحث أسبابه وطرح موضوعاته علي مائدة الباحثين والأطباء للإفادة منها مستقبلا خصوصا مع تشابه ظروف المنطقة الخليجية؟
إن وجود المركز الخاص للبحوث في هذا المجال يدعمه في قطر عوامل متعددة:
أولها:رؤية سمو الأمير والاهتمام البالغ بالصحة في ظل وقفية سموه علي الصحة والتعليم من ريع النفط والغاز- هذا وأدخنتهما وعوادمهما هي المتهم الأول-
وإمكانية رصد مركز دعما من تلك الوقفية ومن صندوق الدعم البحثي المقدم للبحوث الطبية بشكل مستقل عن الأمراض الأخري.
ثانيا:الرؤية التطويرية الطموحة للصحة في دولة قطر لتواكب حملة المعرفة التعليمية الفكرية أيضا في حملة (تفكر) لإنشاء مجتمع المعرفة الواعي بدوره في جميع المجالات المعرفية من ضمنها الصحة مع خصوصية ما يقتضيه مرض السرطان علي وجه الخصوص من أهمية الفحص الدوري التي هي جزء من ثقافة المجتمع.
ثالثا: الاهتمام البالغ الذي توليه الدولة للبحوث في مختلف المجالات ممثلا في إنشاء مراكز البحوث في المدينة التعليمية والجامعات، وتعميم نتائجها للإفادة منها في مختلف المجالات.
رابعا:وجود كلية وايل كورنيل للطب في قطر وأهمية الإفادة من بحوثها ومخرجاتها في مسار تعزيز حملة مكافحة السرطان والوقاية منه وعلاجه، وتعهد متخصصين فيه علي المستوي الخليجي لذات المجال (الدم والأورام) مستقبلا لخدمة قطر ومنطقة الخليج.
وأخيرا:وجود مستشفي الأمل- البنية التحتية- الذي أعطي مرضي السرطان في قطر بارقة أمل خصوصا في ظل نخبة من الأطباء أثبتت مهارة في التعاطي مع المرضي والمرض.
هذا ونظرا للاهتمام الملحوظ الذي توليه دولة قطر بالتنسيق مع مختلف المراكز العالمية في جميع المجالات نتمني أن يتحول مستشفي الأمل بجهوده المباركة حاليا إلي أحد المراكز الكبري لخدمة قطر والخليج  تأسيا بنماذج كبري عالمية مثل مايو كلينيك، وجونز هوبكنز، م دي اندرسون وmemorial Sloan Kettering cancer center وغيرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق