مداد القلم الراية 13 ديسمبر 2009..
لعل البهجة تغمر صدورنا عندما يكتسي الوطن حلته احتفالا باليوم الوطني يوم الجمعة القادم الثامن عشر من ديسمبر"، فعندما ترفرف أعلام قطر في كل طرق الدوحة نشعر أن الأرض كلها تتفاعل مع قلوبنا نبضا لقطر، وقد بدأت الاستعدادات المبكرة لهذا اليوم بمختلف أنواع الاحتفالات وخصوصا إحياء العادات التراثية ومنها فن العرضة.
ولكن الملاحظ أن العرضة القطرية الأصيلة التي-منذ صغرنا- كنا نستمتع بفنها ونطرب لأدائها وشيلاتها الحماسية المعروفة والمتوارثة جيلا بعد جيل من خلال رجالات فن العرضة القطريين وشعراء الشيلات قد اختفت بحلتها السابقة ، حيث طغت العرضة الخليجية وخاصة النجدية علي العرضة القطرية واختفت وقلت معها فرق العرضة القطرية وفرق الفنون الشعبية الأخري ولم يبق منها سوي عدد بسيط جدا وتؤدي مهامها حسب الطلب ولكن دون المستوي أحيانا كثيرة.
لقد كانت العرضات القطرية قديما تلقي الدعم المستمر من قبل وزارة الإعلام سابقا" ومن قبل القبائل القطرية وكبار رجالها الذين كانوا يقرضون الشعر وينشدون شيلات ارتجالية حفظت أشعارها وأداءها علي مدي التاريخ جيلا بعد جيل في إرث يردده الأجيال، و كانت العرضات تتوزع كفن عام بين القبائل في مختلف أنحاء قطر ، وتاريخها مشهود فكانت تقام في الحروب لتحميس المقاتلين وفي زيارات رؤساء الدول وفي يوم الاستقلال وفي الأعياد والمناسبات والأعراس حيث تقام أشهر عرضات قطر في أهم المواقع التراثية مثل متحف قطر الوطني فضلا عن المواقع الأثرية والقلاع المشهورة في مختلف مدن قطر حيث كانت القبائل تشارك بعضها البعض دون تمييز في عرضاتها خصوصا لمن يقطنون ذات المدينة، وكانت العرضة مناسبة للوحدة العشائرية الوطنية.
ومن الملاحظ أن اهتمام الدولة بالتراث والعادات والتقاليد في الآونة الأخيرة بدا كبيرا وخصوصا عندما برز الاهتمام بالتراث ومراكزه وبرزت الدعوات لإقامة العرضات في مناسبات قطر الوطنية ، ولكن الغريب رغم ذلك أن العرضة لا تلقي مستوي الاهتمام الذي يجب أن تحظي به حيث أضحت فقط مجرد مناسبة موسمية يتم إحياؤها عند الضرورة بالعودة فقط للمخزون التراثي او التاريخي للشيلات دون أن يتم تنمية مهاراتها وإحياء ممارساتها بين الأجيال ، خصوصا وأنها فن شعبي تركت حتي ممارساته لكل قبيلة واجتهاداتها بل ولكل أسرة وكيفية اهتمامها بتربية أبنائها علي الاداء الأصيل للرزيف وحمل السيف، وباجتهادات شخصية أيضا ربما من بعض المدارس ايضا حسب اهتمامات ادراتها ، ولكن علي المستوي العام لدولة قطر تربويا وثقافيا لم تسن مسابقات أو برامج تدريبية للأجيال الجديدة في المدارس والجامعات علي مستوي هذا الفن خصوصا وانه يعتمد علي الشعر و الشيلات تأليفا وعدا واداء وعلي فن الرزيف بالسيف وحمله والعرض به، تلك التي أخذت في الانقراض شيئا فشيئا مع رحيل الجيل القديم (رحمهم الله).
ولأن العرضة فن من الفنون الأصيلة وترجمة حقيقية لهوية مميزة لكل وطن، نأمل أن تقام لها برامج تحييها لا علي مستوي الأداء العفوي الذي قد ينقرض أيضا إضافة إلي ما سبق مع مسلمات التأثير الدولي والعولمة والتفرنج الفني في الذوق الموسيقي الصاخب لدي أجيال الآي بود وموسيقي البوب والروك الذين ولدت آذانهم علي سمعها ،بل نتمني ان يكون إحياء العرضة علي مستوي عال من التخطيط الأدبي الفني والتدريبي، كما نتمني أن يشهد إحياء الفنون التراثية إنشاء جمعية له مثل الفنون الأخري كجمعية الفن التشكيلي والشعر والتصوير.
العرضة القطرية الأصيلة ثقافة وتاريخ ورمز لهوية مميزة يفتخر بها كل قطري، مفخرة تتعدي أداءها لسويعات في يوم وطني إلي فن أصيل ببرامج وطنية مستمرة تدرب ، تعلم تثقف، ومناسبة لثقافة وإرث ووحدة وطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق