الأربعاء، 21 أغسطس 2013

حقوق السكان المدنية العمرانية

مداد القلم .. الراية 1 نوفمبر 2009
لا أعتقد أن أحدا لم يعانِ من تبعات عملية التطوير التي تشهدها الدولة في بلد صغير يشهد طفرة تنموية وعمرانية وسكانية، ولعل أول المعاناة وأصعبها هي تلك التي يتجشمها الفرد من عناء الازدحام المروري في كل الأوقات, الذروة وغير الذروة بعد ان اختنقت المسارات في الوقت الذي ازداد فيه عدد مرتادي الطرق وعدد السيارات بفعل عوامل شتى بنيوية وتخطيطية فاقمها ازدياد حجم العمالة الوافدة وقيادة المرأة التي لم تخطط الطرق الهزيلة سلفا لاستيعابها.
ومع شدة اختناقنا وضيق أنفسنا من آثار تلك الاختناقات المرورية وتبعات التطوير في العاصمة او المدن واثرها على انسيابية اعمالنا، لا ننسى ان نتقدم لوزارة البلدية بالشكر على الشفافية التي ابدتها مؤخرا في التصريح عن كافة المشاريع الواقعة تحتها، ولكن ذلك لا يمنع ان نسجل اقتراحاتنا، او مطالبنا، بل وعتبنا، بل نرفع شكوانا على بعض الأمور.
لقد أعلن مدير عام قطاع التخطيط والتطوير العمراني بالوزارة فى حديث مع "قنا" يوم الأحد 18 أكتوبر 2009 اهم انجازات القطاع والمشاريع المستقبلية وخططها الاستراتيجية ومشاريع البنية التحتية الحالية.
منها ما كنا نتمناه وطرحناه سابقا في مقالات عدة، فالإعلان عن مشروع " معابر الخليج " والمتمثل في نفق تحت البحر بطول 12 كيلومترا يربط ما بين الشارع الرئيسي لمطار الدوحة الدولي الجديد ومنطقة الأبراج. ومشروع طريق آخر يربط منطقة رأس بوعبود مع شارع الريان وصولا إلى دوار بني هاجر.
هي بلا شك حلول ستخدم شريطا مختنقا تقع فيه كل وزارات وأجهزة الدولة فضلا عن الأماكن المكتظة. ولكن هذه البشرى مستقبلية فقط،  فالبلدية -في الوقت نفسه- لم تقدم الحلول المؤقتة التي يمكن الاعتماد عليها حاليا في هذا العمر الزمني من التطوير سواء كانت جسورا مؤقته أو حلولا لتوسعة حارات كل دائري أو تعددية مسارات الطرق أو غيرها.
 فالمشاريع لها عمر خمسي أو عشري زمني للتنفيذ، والتخطيط لها لا يلغي حاجة الوطن إلى العمل على الحلول المؤقتة.
ولا أخال الإبداع والابتكار في الحلول البديلة لطريق الكورنيش أو وسط الدوحة بأطرافها يغيب عن المهندسين.
البلدية أعلنت أيضا عن خطة تطوير كورنيش الدوحة في تحويله لشارع مشاه، إلى جانب كورنيش جديد بطول 13 كيلومتراً على شاطيء الوكرة. وأكدت على انه سيتم استغلال جميع الواجهات البحرية في الدولة، حيث " يتم التركيز حاليا على المناطق الخارجية وهذا ما تم حيث بدأنا بخطة الخور والوكرة كمناطق خارجية".
مضيفا ان الوزارة قامت بإعادة تخطيط مدينة الوكرة وتحديد كل الاستخدامات واحالة موضوعها الى شركة "الديار" القطرية التي تقوم حاليا بدراسة الجدوى ووضع خطة تنفيذية مما يشير الى قرب التنفيذ من خلال انشاء شركة للقيام بهذه المشاريع.
ولكن غاب عن البلدية تقدير الوضع الحالي للمدن والتعامل معها على أنها كيان قائم سكانيا وعمرانيا لم تضع فيه لا البلدية ولا وزراة البيئة المواطن الذي تقدم له هذه الخدمات في الحسبان، بل تجردت المشاريع من التفكير في الحلول البديلة التي تسير الحياة الكريمة لأهل هذه المناطق، مثل اثر العمالة من العزاب في كل من الخور والوكرة على أمن السكان، اثر الأعمال والجرافات المستخدمة بما تكتنفه عمليات التطوير من غبار وأتربة محاذية للمساكن من أثر على الصحة، فضلا عن اعطاء الأولوية في المشاريع للردم والهدم دون تقدير ازاحة الرمال والطين الناتج من الأعمال البحرية عن الساحل وتركه ليشكل عائقا جبليا غير حضاري على سواحل المدينة مثل الجبل الرملي الذي راكمته الشركة المنجزة لمشروع ساحل الوكرة أمام الساحل بعد اقتلاع محميات القرم وتركه يتصاعد حجما في هتك لصحة وأمن وأمان وحق اهل المدينة.
وتتمثل المخاطر في المستنقع المائي الذي راكم حشرات وقوارض غزت المنطقه تم تداركها فقط بعدما رفعنا الشكوى في الإذاعة، ولكن ظل الجبل الرملي الصامد يتصاعد ارتفاعا ممثلا خطرا محدقا حيث اصبح ملاذا للشباب من المراهقين يتم ارتياده بالدراجات النارية والمركبات الرباعية الصغيرة صعودا ونزولا وهو ليس بكثبان رملية مهيأة أو مؤهلة بيئيا لهذا النوع من الرياضات ما يجعله عاملا اصيلا لحوادث ووفيات نحن في غنى عنها.
 هذا فضلا عن اثر هذا الركام الجبلي المرتفع رأسيا في حجب البحر والساحل ومنظره الجميل على امتداد افقي ايضا عدة كيلومترات عن أعين اهل المدينة التي تطل عليها منازلهم ظلما،وكل ما سبق يمثل اختراقا لحقوق الساكنين توجب الشكوى والمقاضاة كما في  الدول المتقدمة. 
مدير القطاع في البلدية والتخطيط صرح لقنا: "إن قطاع التخطيط العمراني بالوزارة لا يتردد فى وضع المقترحات وتوضيح المشاكل الموجودة خاصة ان هذه الخطة مرتبطة بدولة قائمة وليس بقطعة ارض تريد تخطيطها واقامة مشاريع عليها."
إذا، أين ذلك في التنفيذ؟ فالدولة قائمة وليست قطعة أرض تستلهم المشاريع، والإنسان مواطن له حقوق مدنية يقع من ضمنها الحقوق السكنية والعمرانية، كما إنه أهم عناصر التنمية، فالإنسان أساس العمران كما قال ابن خلدون في مقدمته.
لذلك نرفع هذا الطلب او المقترح في كل ما سبق إلى سعادة الوزيرين، وزير البلدية، ووزير البيئة للتكرم بالنظر في أحوال اهل المدن وحقوقهم عند الشروع في تطوير المدن وفي تخطيط الحلول قبل معالجة نتائج مشاكلها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق